قلبه هذا الخمود؟ ألم يحب؟ ألم يجمح؟ إن صديقي على استقامته واقعي يفهم الحياة كما هي، ولا يحب أن يخدع نفسه عن نفسه. فهو يعلم أن لا حياة له إذا لم تقم بينه وبين الجنس الآخر صلة.
أقبل علي ذات يوم ضاحكاً كعادته، وكنت أفكر في أمره فسألته في مجابهة.
- ألم تحب؟
فأربد منه ما كان ضاحكاً، وغامت عيناه، وأطرق يخفي ما ألم به، ثم تماسك قليلا ورفع إليّ وجهاً باهتاً وقال:
- حتىأنت تسألني؟ ومن أحب؟ النساء يا أخي نوعان. . . شريفة أرهب مفاتحها بحبي، وساقطة أرغب عن حبها الميسور لأنني أخشى.
- وهل يعرف الحب هذه الحدود؟ أو لك علىقلبك كل هذا السلطان؟
- إسمع. . . أنا أعلم الناس بنفسي. . . إنني شاب تخطيت سن البدء في اللهو، وأعرف في قلبي رقة وإجدابا، وهذان أمران إن وجدا في قلب وأحب، فهو بين أمرين: إما أن ينتهي بصاحبه إلى السعادة كل السعادة، أو إلى موت لا قيامة له منه. فإذا أحببت من لا أعرف وأثق أنها تحبني - معتمداً على نظرة أو بسمة يثبت لي بعدها أنها قد منحت عن غير قصد - فأنا إلى فناء. فتراني أمنع قلبي كلما أوشك أن يبدأ. . . أمنعه بإرادة تظن أنت أنها قوية، وهي في الواقع مع القلب خائرة. . . لأن كل ما تفعله هو أن تمنع هذا الحب قبل أن يبدأ. . . أما إذا بدأ، فلا إرادتي ولا منطقي بمستطيعين له ردا. . . إنني إذا أحببت فسأحب بقلبي وإرادتي ومنطقي جميعاً. . ولن يكون هذا حتى أسألها وحتى تجيب.
- وأين لك مثل هذا ما دمت ترهب الشريفة وتنفر عن الساقطة؟
- أنا لا أحتم الإجابة الصريحة.
- أنا الآن أسألك كيف تستطيع أن تسأل، لا كيف تجيب هي.
- إن اعتمادي يا صاحبي على الظروف.
- إنني لم أر في حياتي رجلا يحكم منطقه في قلبه كل هذا التحكم. . . ويرجو بعد هذا أن يحب. . . إن الحب يا صديقي قلب يتأجج وتتضرم به النار. . . لا يعرف العقل ولا يسأله، ولا يطيق العقل أن يقحم نفسه في أمر لم يخلق له. . . الحب يا صديقي هو