للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد مضيتَ وما أدْخلتَ هيكلَها ... ولا أحَلَّتْكَ يوماً قنةَ الجبل

وكَيْفَ! وهي التي في الدهر ما رفعتْ ... عنها النّقاب، ولم تُسْفرْ إلى رجل

كلٌّ مشوقٌ وكلٌ آملٌ ظفراً ... بوصل لَيْلَى، وكلٌّ خائبُ الأمل

يا ليتَ شِعْرِيَ هل تُخفي غلالتُها ... ملاحةً، أم حِمَى ليلى على دَخَل

أبا العلاء، وهل أجدَتْك موجدةٌ ... على الحياةِ وتجديفٌ على القدر

الكونُ ما زال مثل العَهْدِ مشكلةً ... وسرهُُ مُضمَرٌ في مُغْمَرِ العُصُر

والدهر يمشي. . فلا شكْواك تُوقفه ... ولا سبابك يثنيه عن الوطن

يمشي لِطِيِته والحيّ يتبعه ... يأتي على الكُرْه أو يأتي على قدَر

رحاهُ لا تنتهي في الدّهر ضجّتْها ... ولا تدورُ الرَّحى إلاّ على البشر

وما عَلِمْنا على التحقيق من خَبرٍ ... سوى القُصور على الإتيان بالخبَر

نمشي على الدَّرب في جَهْلٍ وفي عمةٍ ... والليل في حلك والدَّربُ في خطر

ما تطلعُ الشمس مصباحاً لترشدَنا ... كلا، ولكنّها رمْز على الَحَقر

والبدرُ يضحك في عليائه أبداً ... وكيف لا. . وهو يَلْقانا على سَخَر

وذا الفضاءُ كتابٌ نُصْبَ أعيُننا ... يُتْلَى فيلْقي علينا خالد العِبَر

يقول في كلِّ سطر من صحائفه: ... (أفٍ لكم ما لكم في الكَوْن من خطر)

ما أنتمُ في قضاء الله من أحدٍ ... سوى هباء على الأكَوْان منتَثَر

سَوْأي لكم يا هباءٌ هل ضجيجكُمُ ... ولعنةُ الأرض تثني الدَّهر عنْ سفر!

(تونس)

محمد الحليوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>