وكان السير بورنج موفداً من قبل حكومته لوضع تقرير شامل عن حالة مصر، فقدم إليها سند ١٨٣٧، واتصل بكثير من الموظفين فيها للحصول على بياناته، واستعان كثيراً بالقنصل الإنجليزي (كامبل) الذي زوده بكثير من الإحصاءات الزراعية والصناعية.
لقد كانت تقارير بورنج وكامبل وهودجسون ومن إليهم فيه غير متناول القارئ العربي، إلا ما كان من نتف هنا وهناك يترجمه المؤرخون المصريون في معرض الحديث عن شيء معين؛ ولكن مؤلفي هذا الكتاب قربوا هذه التقارير كاملة من القارئ العربي، بل سهلوا الحصول على تقرير بورنج الذي لا توجد منه في العالم إلا نسخ قليلة جداً.
٢ - الشمس الحزينة أو حياة غاندي
(تأليف الأستاذ محمد كاظم)
وهذا كتاب لطيف في حياة غاندي، وهو أول كتاب عربي ألف في حياة المهاتما بعد مماته. ويمتاز بسلاسة في التعبير كأن المؤلف يحكي حكاية عن شمس كانت ساطعة ثم جنحت إلى الغروب. وقد كانت أم غاندي تنتظر الشمس؛ عند شروقها فإذا ما رأتها ساطعة تهلل وجها بالبشر كما خفق قلبها بالدعاء؛ وكانت السحب الكثيفة حينما تلف وجه الشمس بالحجاب تبدو هذه الشعلة السماوية في ثياب الحزن، كما تحزن أم غاندي ويحزن معها ولدها الصغير لأن السماء مظلمة.
ولهذا سمى المؤلف كتابه (الشمس الحزينة).
لقد ظهرت كتب في العربية عن حياة غاندي كان المؤلفون يلتمسون منها المثالية كاملة في إنسان رفعته الإنسانية العالية إلى مراتب (السوبرمان). وظهر بعد وفاة غاندي كتاب الأستاذ كاظم هذا، وكتيب آخر للأستاذ طه السيد ظهر منذ بضعة من الأيام. فبدأ غاندي بعد مماته أروع مما كان في حياته؛ لأن الفكرة الخالدة لا تموت.
وكانت في حياتك لي عضات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيا
وكان غاندي - كما يقول المؤلف - يصوم (ليواجه غضب الطبيعة وجهل البشرية. . .)؛ أما الطبيعة فلا سبيل إلى إرضائها متى ثارت؛ لأنها تثور فوق إرادتنا، وتجري على غير مشيئتنا، فهل إلى تعقل البشرية الحمقاء من سبيل؟