للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يستساغ في زمن آخر، ومثلت لرأيها بفظائع الحرب ومعاونة العلماء على استحداث المدمرات التي آخرها القنبلة الذرية، مما يوصف بالبطولة والوطنية، وهو في الواقع وحشية منكرة. ووافقها الأستاذ سلامة قائلا إن الجريمة تتبع العرف وإنها ليست إلا الأعمال التي لا يقرها المجتمع. وخالفهما الدكتور بقطر والأستاذ مظهر ذاهبين إلى أن الجريمة كل تصرف يخرج على النظام ويقع منه ضرر على الفرد والجماعة وهي تكون في زمن معين ومكان محدد. واشتد الخلاف بينهم عندما عرضوا للسؤال الرابع وهو الخاص بإعفاء المجرم من المسؤولية، فقالت السيدة سمية والأستاذ مظهر بوجوب النظر في حال المجرم من حيث نوع شخصيته، فلا يعاقب ذو الشخصية المريضة كالذي يسمى (السيكوباتي) وغيره مما كونته ظروف البيئة تكويناً سيئاً، وخالفهما الدكتور بقطر والأستاذ سلامة، فقال الثاني إن المجرم من أي نوع متأثر في إجرامه بالوراثة والبيئة على اختلاف تقدير حظه من كل منهما، فكل مجرم لا بد له فيما يرتكب إذا أخذنا بقاعدة الإعفاء من الإجرام الاضطراري. وقال الدكتور بقطر إنه لاحظ في أثناء وجوده أخيراً بأمريكا، أن الجرائم هناك قد كثرت بفضل علماء النفس الذين يعللون دوافع الإجرام تعليلا يعفي المجرمين من العقاب أو يخففه عنهم، ويفسح القضاة لهذه التحليلات النفسية، ويصدرون أحكامهم بناء عليها.

تعقيب:

لقد تبينت في خلال هذه المناظرة بالمشاهدة والمثل العملي - أن العامية لا تصلح أبداً لغة للأفكار العلمية، وذلك أن المتناظرين وخاصة السيدة سمية فهمي والأستاذ سلامة موسى، كانوا يلجئون إلى التعبير العامي فلا يسعفهم في إبراز ما يجول بخواطرهم، فيستنجدون بالتعبير الفصيح، فم واتاه بلغ به، ومن استعصى عليه اضطرب وملكه العي، وقد وقعت السيدة من ذلك في حرج شديد، وإن بدا - على رغم تعثر لسانه - تمكنها من دقائق الموضوع، وقد كانت تشكو من ضيق الوقت وعدم اتساعه لمعالجة موضوع المناظرة، والواقع أن الوقت كان يضيع بالتلجلج وتكرار العبارات العامية من غير طائل، ولو أنهم أعدوا للمناظرة ودونوا أفكارهم في (تجربة) قبل الظهور على المسرح، لأتوا بما يرجى منهم في مثل هذه المناظرة، فهم معروفون بالدراسة والبحث وسعة الاطلاع، ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>