للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(قارب منحوت من الأشجار) ينظر أحدهما في منظار الماء بينما يجدف الآخر ببطء، ويبحثان عن صدف اللؤلؤ، ولكن إذا ما تراءت لهما سمكة أمسك أحدهما الحربة من منتصفها وصوبها ثم قذف بها بمهارة لا تفلت منها الأسماك الصغيرة. وأكثر ما يصاد عادة بهذه الطريقة الأسماك البطيئة الحركة. وقد تقتنص الأسماك السريعة كأنواع البياض وأميز هذا الجنس ما يسميه الأوربيون خطأ فأنه يتلون بألوان براقة جميلة حينما يحتضر خارج الماء.

وقد صادفت مرة جماعة من صيادي اللؤلؤ وقد أمسكوا درمة (جنس من السمك) فسألتهم (كيف أمسكتم هذه السمكة وليس معكم حربة واحدة؟) فأجاب أحدهم (أمسكتها بيدي).

والدرمة سمكة معروفة بأنها سامة، ولكنها تأكل كثيراً بالبحر الأحمر، ويقال إن لحمها جيد وإن كان قليلاً.

وعلى شاطئ البحر الأحمر لا توجد جروف ولا أشجار يبني في وقايتها الصقر عشه. فيلجأ إلى أفرع نباتات الأرض الملحة على الشاطئ المنبسط مثل الشمرة البحرية والحزيس والساليكورنيا وغيرها من النباتات التي تنمو على الأرض المنخفضة بجانب البحر بل وعلى رمل الشاطئ نفسه، وكذلك على الأعشاب البحرية وجلد الأسماك وعظامها والأجسام الطافية على سطح الماء من أي نوع. والصقر لا يغير عشه بل يضيف إليه كل عام حتى يصبح ربوة عالية - وعلى مقربة من المحطة عش يربو ارتفاعه على المترين. ورأيت آخر على شاطئ السودان كان يسكنه صقر مدة خمسة عشر عاماً ولست أدري كم أقام به الصقر قبل ذهابي إلى السودان.

وبيض هذا الصقر كبير الحجم وعليه نقط سمراء داكنة، أما الصغار فسمر الألوان، وإذا أزعجت خرجت من عشها وجثمت بين الأعشاب المجاورة.

ومما يساعد على وقاية هذه الطيور عزلتها في الصحراء ورغبة (البشاريين) عن أكل الطيور وبيضها. ولكن انتشار السيارات في الصحراء قد سلبها عزلتها. وكم نشفق الآن على بعض هذه الطيور التي ما زالت تأوي عشاً لا يبعد إلا قليلاً من الأمتار عن الطريق الموصل بين آبار البترول ومحطة الأحياء البحرية! أما الجزر فما زالت ولن تزال حصناً منيعاً لها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>