للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ينتسب إليها ولا يملك شيئاً إلا هذه المهنة - ومع ذلك فقد ادعى بأنه اشترى المحصول، وكان هذا وحده إشكالاً رجع معه المحضر ليتلافى الأمر من طريق الإجراءات - فلما أخذنا المتعرض بشيء من الحزم اعترف وأخرج من جيبه (جنيهاً واحداً). قبضه أجراً لتعرضه.

هذا وغيره كثير الوقوع وقد أصبح حديثاً مردداً. ولكن اليوم تشاء سخرية القدر أن يقع ما هو شر من الخرافة.

قضت أعمالي أن أغيب عن مصيفي ببور سعيد في أوائل أغسطس الماضي، فلما عدت أخبرت أن ضابطاً مصرياً جاء إلى المنزل بأمر الحكمدار الإنجليزي، وأبلغ الخادم أن (ديكاً) يزعج الجار الأوربي، فهو يأمر بنفيه إلى (السطوح) أو ذبحه!!

ليس بالمنزل سلم (للسطح)، ومكان الطيور بالحديقة بناه المالك ولا يد لنا بتغييره، لأننا نشغل المنزل لموسم الصيف، وإذن نفذ الأمر، وذبح (الديك) مأسوفا عليه من الدجاج مسطراً بدمه صحيفة عن آثار الامتيازات والعبث بالكرامة!! ضابط خلق لمهمات عالية من صيانة أرواح وأموال وأعراض، يحمله الرئيس الإنكليزي رسالة حقيرة في أمر حقير!!

عندما يحس الجار إقلاقا لراحته يكفي في دفعه عادة كلمة طيبة لجاره، وتقفه رسالة من خادم لخادم. هكذا نفعل، ولكن الاعتزاز بالامتيازات والاحتلال بدل الجوار الحسن تفرقة وتحكما.

ولست أشك في أن المناحة التي أقامتها الدجاج حزناً كانت قوية مؤثرة تضاعفت معها حركة الأقلاق، مما جعل الجار يندم على شكواه والحكمدار يرفه عنه، ولعلهما نسيا بهذه الصيحات المزعجة صوت الديك (الفقيد).

وأمام ما تخيلت ثقة بوفاء هذه الطيور تساءلت: (ألم يتجدد الأمر بذبح البقية المقلقة؟) فلما أجبت بالنفي قلت: لعل الآمرين قد أُخذا بروعة الوفاء وصعقة الحزن فنسيا الجريمة!! أو لعل في ذلك إشارة إلى قرب الخلاص!! والله سميع مجيب.

على أن في بيت الجار التالي (دجاجاً) سمعت صوتها وصياحها ولكن الشاكي لا يتحرك!! والحكمدار الإنجليزي لا يهتم! والضباط المصريون لا يسخرون! لأن الجار يتمتع بالامتيازات، وما في كنفه تابع له، ولو أن الديك (بلدي).

<<  <  ج:
ص:  >  >>