الرضا والغبطة: حالي خير حال والحمد لله! العيش مخبوز، والماء في الكوز فماذا أبغي فوق ذلك؟ فقلت لها: وهل يقنع أبن ادم؟ تبغين الأرض المملوكة، والدار المشيدة، والثوب الحرير، والمركب الفاره، واللحم في كل وجبة! فقالت وهي تضحك: هبني يا سيدي أصبحت (بدراوية) عندي الآلاف من الحقول، والمئات من العجول، والقناطير من الذهب والصناديق من الحلي، والأصونة من الثياب، فهل أنال من كل أولئك غير ملء الجوف وستر الجسم؟ أن الحلاوة التي تجدها في قالب السكر الصغير هي بعينها الحلاوة التي تجدها في قمع السكر الكبير. وإن اللذة التي تذوقها في رطل اللحم الذي تشتريه هي نفسها اللذة التي يذوقها البدراوي في الخروف الذي يذبحه. وإن الدائرة الضيقة التي أضطرب فيها أنا وعيالي، تجمع من متاع النفس والجسم ما تجمعه الدائرة الواسعة التي يركض فيها الباشا هو وأهله. فالمسألة إذن مسالة قلة وكثرة، لا مسالة نعيم وبؤس. وما دام القليل يكفيك من الكثير والصغير يغنيك عن الكبير فإن فضول العيش شغل وهم وفتنة. اسمع أقص عليك من بعض أمري ما يثبت فؤاد القانع، ويغير اعتقاد الطامع. . . .