للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شحنته فرضي، لأن الأجرة كانت رخيصة. وشحن البضاعة إلى بيروت.

وأخبرته الفتاة بعد ذلك أن أخاها كتب إليها ألا تنتظره، لأنه لم يوفق في مهمته، وأوعز إليها أن تتبعه إلى بيروت. واتفق الحبيبان على أن يسافرا بالطائرة معاً إلى عاصمة لبنان، وهناك ينتظر الباخرة التي تحمل بضاعته الجهنمية.

ولما حان موعد قيام الطائرة كان صاحبنا ينتظر حسناءه في المطار، وإذا هي قادمة تهرول تقول له إنها آسفة أن لا تركب الطائرة لأن جواز سفرها مع أخيها وقد تلفنت له أن يعود إلى تريستا لكي تسافر معه في طائرة أخرى. ووعدت صاحبنا أنه ستلقاه في بيروت وتبادلا العنوانين. وركب الطائرة آسفاً لهذه الخيبة آملاً أن يعوض عنها في بيروت.

وبقي السيد ف. م في بيروت يترقب قدوم الباخرة التي تحمل فوزه بالسلاح المرجو المنتظر بفارغ الصبر وغنم منه عمولة مقداره ٢٥ في المائة. ومضت ثلاثة أيام وهو يسأل عن هذه الباخرة في وكالات البواخر فما وقف على خبر عنها ولا أثر لها.

وما لبث أن علم من أحد معارفه أن محطة الإذاعة في (عزرائيل) تذيع خبراً غريباً كل ساعتين، فأصغى في الميعاد فإذا صوت رخيم يقول: إن دولة عزرائيل تتشكر لحكومة بردي هدية السلاح الفاخرة التي أهدتها إياها؛ وستكافئها عليها خير مكافأة. وراحاب ترجو من صديقها أن يعذرها لأنها لن تتمكن من لقائه في بيروت، وتشكره له ألف شكر إهداءه إياها تذكرة الطائرة من تريستا إلى بيروت وتحسبها من قيمة السمسرة التي كانت تتوقعها من لو تمت صفقة بيع الأسلحة ثم تهنئه بسلامته لأنه لو صحب البضاعة في الباخرة المظنونة يونانية، لغرق هو في البحر وسلمت البضاعة. لذلك أسدت النصح إليه أن يعود إلى بيروت بالطائرة لأن راية عزرائيل التي كانت تخفق فوق الباخرة لم تكن لتحميه!

وهكذا عاد صاحبنا إلى حكومته بالخيبة، ورضي من الغنيمة بالأوبة، والذنب على الحب الذي يرد البصير أعمى والحكيم أحمق، فيضحي بخدمة الأوطان، في سبيل خدمة الأوطان، في سبيل خدمة الحسان!

نقولا الحداد

٢ش البورصة الجديدة بالقاهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>