الشيعة) وما فيها مرتين، فتتوقع من صاحب الملاحظة السابقة أن يحتج من (كتب الشيعة) بأقل الجمع ولو عند المناطقة وهو اثنان، ولكنك لا تراه يذكر إلا كتاباً فرداً هو (وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة) على حين يكرر الحديث عن قراءاته وخلاصة قراءاته في كتب الثقات، ويتحدث عن قراءاته في كتب الثقات وهو ذاكر أني اكتفيت بكتاب فرد، وأنه لا يرى ذلك، فكيف يجئ هذا؟!.
٣ - لما أراد الأخ الأستاذ نقد خبر الرحالة (تفضيل الشيعة مشهداً على مكة) استنتج استنتجاً وقال: (وكيف يعقل أن أمة مسلمة. . . الخ) فسلمت له اختصاراً واقتصاراً أن هذا غير معقول، وقلت عرضاً إن مالا يعقل قد يعتقد، وان العقل ومنطقه شئ، والاعتقاد وسلطانه شئ آخر. فقال أعزه الله: إن هذه فلسفة لم يتهيأ هو لفهمها. فيسمح لي إذن أن أقول في غير فلسفة:
أ - إن من المعقول أن يكون الحج إلى مكة فرضاً وأن تفضل الشيعة مع ذلك مشهداً على مكة! فالأخ يعرف أن الوقوف بعرفة ركن في فريضة الحج، ويعرف أن زيارة الرسول عليه السلام ليست ركناً في تلك الفريضة ولا واجباً؛ ويعرف في الوقت نفسه أن المسلمين جميعاً يفضلون زيارة الرسول عليه السلام ويتطوعون بهذه الزيارة في غير موسم الحج من أيام السنة؛ ويشدون الرحال لها، ويتمنون المجاورة بالمدينة المنورة، ويؤثرون الموت فيها. ولا أعرف واحداً منهم جاور بعرفة أو حرص على زيارتها. فتفضيل مشهد على مكة يتفق تعقله مع كون الحج إلى مكة فرضاً. هذا هو القدر المعقول في المقام، والذي يتصل بفرضية الحج إلى مكة وتفضيل مشهد عليها.
ب - لكن الأستاذ عزاما لا يقول هكذا، بل يقول:(وكيف يعقل أن أمة مسلمة شديدة الغيرة على دينها تعتقد أن الحج إلى مكة فرض، وقاعدة من قواعد الإسلام، كيف يعقل أن هذه الأمة ترى زيارة مشهد أفضل من الحج إلى مكة). ولنا هنا مواقف: إن الرحالة ناقل يخبر، ولا يرد الخبر بهذا الاستنتاج العقلي؛ فأثم التناقض على المفضلين لا على المخبر. ولا يقال لناقل الخبر إنك خاطئ، بل يقال إنه كاذب أو غافل أو غير متحر أو ما إلى ذلك. على أنا لو جاوزنا هذا نرى التناقض المعقود غير ما نحن فيه. فخبر الرحالة أو دعواه - ان شئنا - أن الشيعة تفضل مشهداً على مكة؛ وكذلك تقول عبارة الأستاذ عزام في نقده،