للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ونابذ الخالدين الموصلين وناصبهما العداوة، وادعي عليهما سرقة شعره وشعر غيره وجعل يورق وينسخ ديوان شعر أبي الفتح كشاجم - وهو إذ ذاك ريحان أهل الأدب بتلك البلاد، والسري في طريقه يذهب، وعلى قالبه يضرب - وكان يدس فيما يكتبه من شعره أحسن شعر الخالدين ليزيد من حجم ما ينسخه، وينفق سوقه ويغلي سعره، ويشنع بذلك على الخالدين ويغض منهما، ويظهر مصداق قوله في سرقتهما، فمن هذه الجهة وقعت في بعض النسخ من ديوان كشاجم زيادات ليست في الأصول المشهورة منها وقد وجدتها كلها للخالدين بخط أحدهما).

فهذا مثل ادعاء السري على هذين الشاعرين سرقة الشعر. وأما هجائه إياهما بسرقة من أشعاره خاصة فقد افتن به افتتانا وردده في كثير من شعره وقد سلط الله عليه الثعالب جزاء وفاقا فعقد هذا المؤلف الكبير فصلا في اليتيمة لسرقات السري من الشعراء وأفاض القول فيها. واكتفى هنا بمثالين من شعره في هذا الموضوع:

كتب الخالديان إلى أبي إسحاق الصابي الكاتب المعروف أنهما قادمان إلى بغداد فأنشأ السري للصابي قصيدة أولها:

قد أظلتك يا أبا اسحق ... غارة اللفظ والمعاني الدقاق

فأتخذ معقلا لشعرك تحميه ... مروق الخوارج المراق

كان سن الغارات في البلد القف ... ر فأضحى على سرير العراق

غارة لم تكن لسمر العوالي ... حين شنت ولا السيوف الرقاق

جال فرسانها علي جلوسا ... لا أضلتهم سيوف العناق

إلى أن يقول:

يالها غارة تفرق في الحو ... مة بين الحمام والأطواق

تسمي الفارس السميدع بالعا ... ر وبعض الأقوام عار باني

لو رأيت القريض يرعد منها ... بين ذاك الإرعاد والإبراق

وقلوب الكلام تخفق رعبا ... تحت ثنتي لوائها الخفاق

وسيوف الظلام تفتك فيها ... بعذارى الطروس والأوراق

والوجوه الرقاق داوية الأبش ... ار في معرك الوجوه الصفاق

<<  <  ج:
ص:  >  >>