أفن رماه بغارة مأفونة ... باعت ظباء الروم في الأعراب
إني أحذر من يقول قصيدة ... غراء خدني غارة ونهاب
هذا موضوع فكه طريف يستطيع الأديب أن يتناوله بالبسط والشرح ليبين عما بين السري والخالديين من عداء ويتعرف أسبابه، ويقضي فيما يدعيه السري عليهما من سرقة، وفيما أتهم الثعالبي به السري من دس لشعرهما في ديوان كشاجم، وعن الصلة بين أشعار هؤلاء الأربعة من شعراء القرن الرابع وما يتصل بهذا من قضايا أدبية خطيرة في ذلك العصر المزدهر.
ولم يقتصر إعداد السري بشعره واتهام الناس بسرقته على ما بينه وبين الخالديين، بل تناول غيرهما من الشعراء بهذه التهمة. ومن هؤلاء أبو العباس النامي الشاعر المعروف. قال السري عن النامي وادعى أنه كان جزارا:
أرى الجزار هجيني وولى ... فكاشفني وأسرع في انكشافي
ورقع شعره بعيون شعري ... فشاب الشهد بالسم الزعاف
لقد شقيت بمديتك الأضاحي ... كما شقيت بغارتك القوافي
توعر نهجها بك وهو سهل ... وكدر وردها بك وهو صافي
ويصف قصائده بأبيات يقول فيها:
جمعنا الحسنيين فمن رياح ... منعبرة وأرواح خفاف
ثم يرجع إلى ذكر إغارة النامي على الشعر فيقول:
وما عدمت مغيرا منك يرني ... رقيق طباعها بطباع جافي
معان تستعار من الدياجي ... وألفاظ تقد من الأنافي
وشر الشعر ما أبداه فكر ... تعثر بين كد واعتساف. الخ
وأما الموضوع الثاني من الكلام عن السري الرفاء فموعده المقال الآتي إن شاء الله.
عبد الوهاب عزام