للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعظم الفلاسفة ثنائيون يعتقدون بثنائية الوجود. ولا أدري أي النظريتين تتفق مع طاغور والديانة الهندوكية، وكذلك لا أرى أي النظريتين توافق النصرانية والإسلام. إن هذا يتوقف على ماهية الله. والله في اللاهوت المسيحي روح (لا مادة) أزلي (وأبدي سرمدي) خالق كل شيء (من العدم) وقادر على كل شئ، وموجود في كل مكان وكل زمان، وعالم بكل شيء). وأظن هذا التعريف مقبول في الإسلام. وبحسب هذا التعريف يوافق الرأي الثنائي الإسلام والنصرانية، لأن الوحدانية تستلزم أن يكون الله خاضعا للإدراك البشري. أعني يستطيع العقل الإنساني أن يبحث فيه ويحلله، كما يبحث في الذرة ويحللها، ويفهم مقاصده من غير وحي وإلهام. وهذا لا يوافق الإسلام ولا النصرانية.

وأما كيفية مطابقة (الوحدة) للعقيدة الهندوكية فلم نفهمها جيداً من بحث الأستاذ الزكي واقتباسه نظريات طاغور. فمثلا لا نفهم قوله إن الله حينما امتلأ بالسرور فاضت منه الخليقة، فالكون عند طاغور هي الصورة التيس يتجلى فيها سرور الله الخ)

هذا كلام يحتاج إلى تفسير مستفيض إن كان تفسيره ممكنا. ثم قوله: (إن الإنسان لم يحصل على كماله الروحي إلى عندما يتلاشى شعوره بذاتيته ويدمجه في كل ما حوله من كائنات. وبغير ذلك لم يدرك أحد حقيقة وحدة الوجود). كيف ذلك؟

وهناك فقرات كثيرة من هذا الطراز لا نفهمها. عذرا يا أستاذ!

وقد اتفق بطاركة الفلسفة الأولون - سقراط وأفلاطون وأرسطو - على إن الله موجود مع الكون السرمدي منذ وجد هذى الكون (إن كان لوجوده بداية)، ولكنه لم يخلقه وإنما هو يديره.

هذه العقيدة أقرب إلى المعقول من غيرها، وتطابق نظرية ثنائية الوجود إذا اعتبرنا الله مجموعة من النواميس الطبيعية وعلى رأسها ناموس الجاذبية، فأما إن تكون الجاذبية هي الله نفسه أو إن الله ورائها ممسكها بيده يدير بها عوالم الكون، لأنه بحسب العلم الطبيعي نرى الجاذبية موجودة مع الأكوان منذ الأزل ومنبئة في كل ذرة من ذرات العوالم المادية وجميع حركات الذرات والأقمار والسيارات والشموس والسدم - كل هذه تتحرك في (الزمكان) (زمان مكان) بقوة الجاذبية تتحرك كيمياويا وحيويا وميكانيكيا، هي قوة قصوى موجودة في كل زمان ومكان، ولكنها لم تخلق العوالم من العدم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>