للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمراء على السلطان الرواتب الجارية في كل يوم من اللحم وتوابله كلها والخبز والشعير للخيل والزيت؛ ولبعضهم الشمع والسكر والكسوة في كل سنة، وكذلك لجميع مماليك السلطان وذوي الوظائف من الجند. ولكل أمير من الخواص على السلطان مرتب من السكر والحلوى في شهر رمضان، ولسائرهم الأضحية في عيد الأضحى على مقادير رتبهم، وكانت الخيول السلطانية تفرق على الأمراء مرتين في كل سنة.

وفي الحملات الحربية الكبرى كان بعضها السلاطين يلجأ إلى فرض ضرائب جديدة على الشعب المصري كما حدث في عهد قطز فإنه عند ما أزمع حرب التتار أخذ من أهل مصر والقاهرة على كل رأس من الناس من ذكر وأنثى ديناراً واحداً، وأخذ من أجرة الأملاك والأوقاف شهراً واحداً وأخذ من الأغنياء الناس والتجار زكاة أموالهم معجلا، وأخذ من الترك الأهلية الثلث من المال وأخذ على الغيطان والسواقي أجرة شهر، فيبلغ جملة ما جمعه من الأموال في هذه الحركة ستمائة ألف دينار. وبهذه الأموال جند جيشاً هزم التتار لأول مرة تاريخ حياة التتار.

والقارئ لوصف المجلس الاستشاري الذي عقده قطز من علية القوم لفرض ضرائب جديدة للجيش يرى ما كان عليه هذا الجيش من سعة في الحياة. والحق أن سلاطين ذلك الحين لم يضنوا على جيوشهم، لعلمهم بأنهم الساعد والعضد في الدفاع عن أرض الوطن. ولم يكن الجند يخرجون إلى قتال إلا وهم مغمورون بالرزق والعطاء. أنفق الأشرف خليل ابن قلاوون في سني حكمه الثلاث نفقات: الأولى في أول جلوسه في السلطنة، والثانية عند توجهه إلى عكا، والثالثة عند توجهه إلى قلعة الروم.

وكما عني الفاطميون بإنشاء جيش يرى لجب يحفظ ملكهم، ويصون إمبراطوريتهم، لم يغفلوا عن أن بلادهم - ولها شواطئ مترامية الأطراف على بحرين عظيمين الأبيض والأحمر - تحتاج إلى أسطول ضخم يصون الحمى ويحمي الذمار، فأنشأ المعز لدين الله قوة بحرية مكونة من أكثر من ستمائة قطعة، وقد أعانته تلك القوة وأعانت خلفاءه على تثبيت سلطانهم وحفظ هيبتهم.

ولكي ينال الأسطول ما يستحقه من الرعاية أنشأت الدولة له ديواناً خاصاً يقال له ديوان العمائر، يعني به من الناحية الإدارية والمالية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>