تتبعاته الفلكية لشغف خانات المغول بفن التنجيم وعلى الأخص صاحبه هولاكو الذي رغبه في بناء مرصد كبير في مراغة جهزه جهز بأحسن الأدوات وبعضها أستبط وصنع لأول مرة وزوده بجماعة كبرى من الراصدين والمراقبين. وكان عمر الطوسي عندما ابتدأ ببناء الرصد ٦٠ عاماً وقد بقى ١٢ سنة أخرى حتى أنجز وأتم عمله في حسا ب جداول جديدة للكوكب السيارة قامت على الأرصاد والمشاهدات الشاملة. وقد دون استنتاجاته في كتابه (الزيج الايلخاني) وتتناول المقالة الأولى بحث التواريخ، والثانية حركات السيارات، وخصصت المقالتان الثالثة والرابعة للأرصاد التنجيمية. ومن مؤلفاته الأخرى نذكر كتاب (التذكرة الناصرية) وفيها تخطيط وعرض لجميع ما في حقل علم الفلك وقد علق عليها العلماء المتأخر ون وشرحوها عدة شروح الخ (راجع في دائرة المعارف الإسلامية الجزء الرابع ص ٨٩٠ من النسخة الإنجليزية).
وقال المستشرق الفرنسي العلامة سيديو في كتابه (تاريخ العرب العام) وكان سيديو أستاذ التاريخ في كلية سان لويس عضوا في مجلس الجمعية الآسيوية وفي اللجنة المركزية للجمعية الجغرافية في فرنسا وسكرتير كوليج دو فرانس الخ. . قال في (ص ٤١٠) واختلط تاريخ سلاطين آل سلجوق بأخبار الحروب الصليبية منذ القرن الثاني عشر فظلت العلوم في المشرق مغطاة طيلة هذه الحروب بغطاء لم يرفعه عنه أحد بعد.
وهذا لا يعني أن الدراسات الجدية هجرت فقد أبصرنا خان المغول هولاكو بجمع في بلاطه (عام ١٢٥٩ م) علماء اشتهروا بمعارفهم الرياضية والفلكية وأشهر هؤلاء العلماء هو واضع الزيج الأبلخاني نصير الدين الطوسي. وقد وجد هذا العالم في نعم مولاه الجديد ما يشجعه فأقام مرصد مراغة وجمع بعناية ما هو منثور في خراسان وسورية وبغداد والموصل ومن المخطوطات. ولم يأل جهدا في إكمال الآلات التي يستعملها في إرصاده.
ومما صنعه أحداث ثقب في قبة المرصد تنفذ منه أشعة الشمس على وجه تعرف به درجات حركاتها اليومية ودقائقها وارتفاعها في مختلف فصول السنة وتعاقب الساعات: وهذا يعني تطبيقا جديدا للميل ذي الثقب الذي استعان به العرب منذ القرن العاشر. ومن هذا الميل وذات الحلق الكبرى التي تشابه آلة (نيخو براهة) وأرباع الدائرة المتحركة والكرات السماوية والأرضية وأنواع الإسطرلاب تتألف مجموعة آلات مهمة استعان بها