للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطائف وأقاما بمكة حيث حالف مسعود عبد الله بن الحارث بن زهرة خال زوجه أم عبد والدة عبد الله بن مسعود، ولما صار غلاماً يافعاً اشتغل برعي الغنم لعقبة ابن أبي معيط من سادات قريش، وبينما هو قائم كعادته أقبل رسول الله ومعه أبو بكر فقال يا غلام هل معك من لبن؟ قال: نعم ولكني مؤتمن، فقال له ائتني بشاة لم تحمل ولم تلد، فأتاه بواحدة فجعل الرسول يمسح ضرعها ويدعو الله حتى درت فأتاه أبو بكر بإناء فاحتلب فيه ثم قال لأبي بكر: اشرب فشرب أبو بكر ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم بعده، ثم قال للضرع: أقلص فقلص فعاد كما كان. هذا وعبد الله يشهد ويسمع فقال: يا رسول الله علمني من هذا الكلام فمسح رأسه وقال: إنك غلام معلم.

لقد أسلم عبد الله فكان من السابقين وترك غنم عقبة فأخذه الرسول وجعله في رعايته، فلقد كان أبوه حليف أخوال الرسول وإن جدته لتمت بصلة القرابة إلى أخوال الرسول، وعقبة من رؤوس الشرك ولن يبقى عليه بعد أن أصبح من أتباع محمد فكان يخدم رسول الله: يلبسه نعله، ويمشي معه وأمامه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام. حدث أبو موسى الأشعري قال: لقد قدمت أنا وأخي من اليمن، وما نرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام. وتمر الأيام ويشتد أذى قريش للمسلمين فيهاجر جماعة منهم إلى الحبشة وفيهم عبد الله ثم يهاجرون إلى المدينة ومعهم عبد الله.

هذه رأس أبي جهل:

نحن في العام الثاني من هجرة الرسول في غزوة بدر الكبرى وهذا أبو جهل ملقى بين الجرحى وقد أمر الرسول أن يلتمس في القتلى فوجده عبد الله بن مسعود بآخر رمق فوضع رجله على عنقه قال أبو جهل قد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعباً أخبرني لمن الدائرة فقال لله ولرسوله وإني قاتلك، قال أما إن أشد شيء لقيته اليوم قتلك إياي فقتله وحمل رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل، فقال الرسول: الله الذي لا إله غيره؟ ورددها ثلاثاً، قال نعم، ثم ألقى رأسه بين يدي الرسول فحمد الله تعالى وسجد شكراً له.

لقد عاش عبد الله حياة الرسول مقرباً منه أثيراً عنده قال له مرة: اقرأ علي سورة النساء، فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عبد الله حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>