للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليك هذا الشعر، صدى لكلمتك (تحية قلبية وأخرى قلمية)، التي لولاها ولولا الرسالة ما تم مثل هذا اللقاء الفكري الذي أرجو أن يكون فاتحة صداقة متسامية، رائدها الكفر بالمفاهيم للأيمان بها)!. . . إهداء فيه تحليق وشعر فيه تحليق، وأنا أحب أن أعيش في أجواء المحلقين من أمثال زهير ميرزا، سواء كانوا كتاباً أم شعراء.

أجمل ما في هذه المجموعة الشعرية أن زهير ميرزا يصب شعره في قالب من الحوار الفني الذي يدور حول فكرة، تنبع من أعماق الشعور لتحلق على أجنحة الخيال. . . ولا أقول إن الفكرة الجديدة، ولكن الجديد فيها هو تلك اللقطات البارعة التي تجيد اختيار الزاوية في مجال الإخراج الفني للصورة النفسية، تلك التي يتسع لها إطار التعبير ولا يزيد!

صورة من النفس يلفها وشاح من ومضة الفكر، وإذا أنت في (الحقيقة الكبرى) مأخوذ بصراع العقل والعاطفة بين (قمر) و (شهرزاد). . . هناك حيث تنفر الروح من هذا (الشيء) المعاد الذي تبلى جدته في عالم الواقع وتحيا في عالم الوهم الطليق! وهكذا يمضي زهير ميرزا في (لقاء) و (وغانية الفكر) و (كافر) و (مصرع المثال). . . أما (لقاء) فتصور هذا النضال النفسي الذي يثيره (نداء الأعماق) في طريق قد خلت من كل شيء إلا فتى وفتاة؛ أمواج من دعاء الوجدان تعترض سير الشراع الحالم ولا تزال به حتى يغيب تحت أطباق العباب! وفي (غانية وفكر) يقبل جسد وتعرض روح. . . وتحتدم المعركة بين اللهب المنبعث من وقدة نار تتأجج، وبين الفراشة التي تحوم حول النور تبغي الضياء ولا تريد أن تحترق؛ إن ريشة زهير قد بلغت الغاية في تلوين هذه اللوحة التي تمثل فورة الصراع بين بائعة جسد وبين راهب الفكر!. . . أما (كافر) فتنقلك إلى ذلك الجو الفكري السابح في أعماق الوجود وحقيقة الحياة؛ هل تذكر قصيدة (الطلاسم) لإيليا أبي ماضي؟ إن جناحي زهير ميرزا يضربان في هذا الأفق ضربات عميقة تهز الخيال المحلق فيما المجهول!

إنني لا أريد أن أقدم للفراء بعض النماذج من هذه المجموعة الشعرية حتى لا يغنيهم القليل عن الكثير، إنني أود أن يرجعوا إلى المجموعة كلها ليقضوا مع الشاعر لحظات جميلة وممتعة كتلك التي قضيتها معه. . . أما أنت يا صديقي زهير فيسعدني أن نكون صديقين،

<<  <  ج:
ص:  >  >>