فيحدد وزن الخبز ونوعه وأثمانه، ويتخذ غير ذلك من الإجراءات الكفيلة بالضرب على أيدي المحتكرين والمستغلين؛ وإذا فليس علينا لوم إذا نحن تطلعنا إلى الحكومة لتتخذ ما يجب من الوسائل لحماية المستهلكين ومكافحة الغلاء، ولحفظ التوازن المعقول بين ما يجنيه المزارع من محصوله، وما يقتضيه التاجر من المستهلك ثمناً لوساطته. وليس من وسائل الحماية الناجعة أن تستورد الحكومة مقداراً محدوداً من القمح الأجنبي على نحو ما قررت، ولكن الوسيلة الأولى هي أن تخفض الرسوم الجمركية على الحبوب الأجنبية، وهى التي رفعت في وقت كانت فيه وفرة المحصول المحلي تبعث إلى هبوطالأثمان هبوطاً شديداً.
لتتخذ الحكومة هذه الخطوة وغيرها مما تراه ضرورياً لدرء كارثة جديدة تنذر ملايين الفقراء بالجوع، ولا يستفيد منها سوى قلة من المحتكرين والوسطاء، على أن هنالك عاملاً آخر لم يتوفر لدينا بعد، ذلك هو المقاومة الشعبية، فمن الواجب أن نعود أنفسنا هذه المقاومة التي لابد منها في مثل هذه الظروف. ولو أن الجمهور يعني بالحرص على حقوقه الشعبية، لكانت المقاومة الفردية والشعبية في مثل هذه الأحوال خير وسيلة للحماية. ولو عني كل فرد بأن يقتصد حيثما وجب الاقتصاد، وأن يحرم نفسه بعض الكماليات وقت الضرورة، وأن يجرب جميع الوسائل الممكنة لمقاومة طغيان المحتكر، وإنقاص منسوب الاستهلاك، لكانت حاجته إلى حماية الحكومة في مثل هذه الظروف اقل بكثير مما نشهد اليوم، إذ لا حول لجمهورنا ولا قوة إلا أن تنجده الحكومة، وإذا أجابته فإنها لا تستطيع أن تذهب معه دائما إلى حيث يريد
وهذا ظرف يستطيع الجمهور فيه أن يبدي إلى جانب ما يمكن أن تقوم به الحكومة شيئاً من المقاومة الفردية الحكيمة، فإذا استطاع أن يفعل فانه يبرهن على حيويته، وعلى أنه حريص على حقوقه، وأنه لا يذعن لنير المؤتمرين به من رهط المستغلين والمستفيدين الذين يعملون على سلبه دون أفة، ويبرهن أخيراً على أنه ليس عالة مطلقة على حكومته في جميع شئونه ومرافقه.