رغبتها هذه على مجرد النية الطيبة أو الادعاء عمدت إلى تضمين هذه الأغراض الشريفة والدوافع الطيبة التي تتمثل في الإسلام دستورها الجديد الذي أقرته الجمعية التأسيسية أخيراً متوخية أن تعطي الشعب بواسطة ممثليه ونواية السلطة والوديعة المقدسة التي في أيديهم مراعين الله في أوامره ونواهيه
وليس اهتمام مسلمي شبه القارة الهندية الباكستانية وتعلقهم بالقران ظاهرة جديدة بل هو أمر يمتد إلى مئات السنين أيام أن غزا العرب هذه الأنحاء ومعهم لغتهم. واللغة العربية كانت وما زالت لغة عنيفة بألفاظها بليغة بأسلوبها عميقة في معانيها وتعبيراتها. ولهذا أصبحت الأداة الأدبية الوحيدة التي تربط سكان هذه المناطق لمدة ثلاث عشر قرناً طويلة. وعلى قصر حكم العرب لهذه الأنحاء المعروفة اليوم بالباكستان بقيادة الفاتح محمد ابن القاسم إلا أنه كان للغة العربية عزها وأثرها. ساعد على ذلك وجود كثرة من المتأدبين والعلماء المتفقهين في الدين والمتشرعين ضمن جحافل الجيوش الغازية. وظل الأدب العربي مزدهراً في هذه الأرجاء وظلت اللغة جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلمين بسبب تعلقهم بالدين حتى في تلك الأيام التي حكم البلاد فيها حكام غير عرب. ففي أيام الأتراك والتتار والفرس، وحينما كانت اللغة الفارسية لغة رسمية كان للغة العربية المكان الأول لم تستطع عوادي الدهر أن تمحوها ولا تقلبات الزمن أن تزيل أثرها. وكان المسلمون هناك على اتصال فكري وروحي دائم بالعالم الإسلامي الخارجي، وامتد هذا الامتزاج إلى أيام الغوري. وفي أيام السلطان علاء الدين الخلجي ازدهرت مدن عدة في الهند وأصبحت مراكز للتعليم الإسلامي وقواعد للدراسات الدينية واللغوية ومنها دلهي ولاهور.
وأحمد أباد كان شأنها تماماً كشأن بغداد والقاهرة. واهتمام شبه القارة بتعلم اللغة العربية أمر طبيعي كان على أشده أثناء حكم الإسلام. ولكن كنتيجة لقيام الثورات السياسية والأزمات الاقتصادية وكنتيجة لاستعمار الأجانب لهذه البلاد أفل نجم اللغة وضاع أثرها بين الناس. ولكن كان يقوم بين وقت وآخر رغم قيام هذه المصاعب أفراد يعشقون هذه اللغة فيرفعون منارها ويخصصون لها المعاهد للعلم والدرس. وقد أرادت الباكستان اليوم بعد أن استكملت استقلالها وسيادتها أن تعيد مجدها وأن تحيي تقاليدها القديمة، وتحققت أنها بسبيل هذا لابد لها من إعادة مجد ثقافتها ولهذا قام زعماؤها وأولو الرأي فيها من أول ساعة يمهدون