أما تلافيف المخ فقد لوحظ أن هناك شبها كبيرا بينها وبين الإنسان بعكس إنسان النياندرتال الذي يشبه مخه مخ القرد. مع أن تكوين وجه إنسان البلتدون يقربه كثيرا من القردة.
وأما نصف الفك فهو عجيب حقا، لأنه قد وجد انه وتركيب السنان فيه يمتان إلى القردة تماما، وان شكل الأنياب عنده لا يختلف عن شكلها أبداً عند صغار القردة. وهذا الفك يشبه تمام الشبه فك الشمبانزي مع انه في إنسان هيدلبرج برغم كبر حجمه كبرا غير متناسب مع الإنسان الحديث، لا يختلف في شي كثير عن فك الإنسان العادي المعروف لدينا جميعا.
وبذلك نرى أن إنسان البلتدون يصل بنا إلى درجة أو عصر لم يكن قد تغير فيه شكل رأسه أو أسنانه عن شكلها عند القردة إلا قليلا، وبمعنى آخر أن التطور والارتقاء قد حدثا عنده في المخ وقوى التفكير، قبل أن يحدث في شكله العام وعلى الأخص شكل وجهه بفكه وأسنانه.
ونحن إذا خامرنا الظن أو الشك في نشأة النوع الإنساني، وجال بنا الحدس انه قد انحدر من عنصر أولي منحط يشبه القردة إن لم يكن منها بالذات، فانه يلزمنا أو يلزم من يقول بذلك البرهنة على صحة هذا الظن أو ذاك القول.
ولذلك نظن ظنا كافيا أن نقول تدليلا على صحة ذلك أن العلماء حينما كانوا يبحثون عن اصل الإنسان الجيولوجي قد وجدوا انه في منطقة بإنجلترا كان يعيش عنصر إنساني قديم جدا جمع في جسمه وعقله صنعة الإنسان المعروف، وفي وجهه وفكه شكل القردة وصنعتها.
وربما اعترض معترض علينا في ذلك بأنه ربما كان يسكن هذه المنطقة من إنجلترا نوع منحط من الإنسان وعنصر راق من القردة أو الشمبانزي، وان الجمجمة التي بنيت عليها الأبحاث، وجاءت هذه النظرية نتيجة لها، لم تكن جمجمة قرد واحد، بل مجموعة أو خليط من جمجمة إنسان وجمجمة قرد انحلتا واختلطا بعد التحلل!.
إلا لن ذلك الاعتراض يمكن الرد عليه بقولنا إن الأجزاء التي تجمعت وتكاملت أجزاؤها مكونة جمجمة كاملة تتكامل أجزاؤها تمام التكامل، وتتفق كلها في المقاييس المقدرة لها، كما أنها من نوع قد تحجر في وقت واحد، وهذا كله لا يمكن القول بأنه وليد المصادفة، وبذا