- لا، لا تحسبها نعمة ولا تحسدني. . . أرأيت تلك النجمة التي تقلق الناظرين إليها وتدفعهم إلى السؤال عن وجهها، إنها أجمل مني، لأنها تحجب بعض ما فيها عن الخلائق ولا ترفع الحجاب عن محياها فيبدو بكل ما فيه، ولا تقف مثلي على ملتقى الطرق لتهدي بوضوحها التائهين. . . إنها تتشبث بسرها، وتخفي عنك ضميرها، فهي ليست عارية مثلي، وعيبي الذي تحسبه جمالا هو أنني نزعت كل ثيابي وانبطحت أمامك فأريتك نفسي. . . أنا رجل ساذج أبله. . . وهل يتعرى أمام الناس إلا السذج البله. . أنا رجل صريح سرَّه في وجهه وقلبه على لسانه، ولكن صراحتي وسذاجتي ووضوحي صور لا يعرضها الجمال الحقيقي على لوحته، فهو يرتاح إلى ما تفتش عنه العيون، إلى الأسرار، إلى الإبهام الذي يهز أعماق النفوس ويثيرها. . انظر إلى الموسيقى كيف تؤجج النار في نفسك كلما زادت إبهاماً، وانظر إلى الليل كيف يقلّب صفحات قلبك وأنت تتلمس فيه طريقك، والى المستقبل كيف يجذبك إليه وأنت محجوب عنه، والى الشعر كيف يطربك وأنت لا تدري لذلك من سبب، والى الحب المفعم باللذات لأنك لا تعرف له بداية ولا نهاية. . . حبذا لو كان لي وشاح واحد من أوشحة هذا الليل الذي يكتنفني!
- ما الذي تراه فيك جميلا أيها القمر البدر؟
- رأفتي بالمتسكعين في الظلمة!
- ولمن أَنت؟
- أنا لامي الشمس
- من هو عدوك الأكبر؟
- الفجر
- من يقيم في دارك؟
- العاشق والفيلسوف والشاعر
- ومن أيضاً؟
- المرأة. . . المرأة. . . المرأة!
- كيف تحتج أيها القمر، وكيف تغضب إذا ما طفحت كأسك وضاق صدرك؟