لاهباً، أحيا العزائم، وأيقظ المشاعر، وكان له - فيما أرى - أثر بالغ في توجيه الأنظار، وتنبيه الأفكار.
أما اليوم فأننا - نحن شعوب العرب - بحاجة إلى أن نضم إلى إعدادنا الحربي والسياسي، وإعدادنا فكرياً شعورياً آخر، يصور لنا - بصراحة تامة - عوامل تخاذلنا، وأسباب انهزامنا، كما يصف لنا عدونا كما هو بشره المستطير، وخطره الوبيل، ومكائده وأجابيله ومطامعه من الفرات إلى النيل، حتى يدرك كل عربي معركة الغد، فيأخذ لها أهبتها، ويعدلها عدتها، لئلا يقع في المستقبل، - كما وقع بالأمس - صريع الغفلة والجهالة، والضعف والاستسلام.
إذا أبى علينا - فيما معنى - طغيان أعدائنا من أوربيين وأمريكيين، واستسلام إخواننا وأبناء عمنا من السادة اليعربيين، أن نمضي في جهادنا، ونثابر على نضالنا، ونتيح للشباب الظامئ المتوئب، أن يروي ظمأه من دماء اليهود، وينقع غلته في الأرض المقدسة، فلن يصل طغيان أولئك واستسلام هؤلاء، إلى الأقلام الحرة، فعليها أن تجدد حملتها، وتعيد كرتها، فتوقظ النائمين، وتفضح الخائنين، وتحيي في نفوس الشباب تلك العزيمة التي أوهتها الصدمة، وتذكي بين جوانحهم تلك الجذوة التي أخمدتها النكبة، وذلك الحماس الذي أذهله مكر الماكرين وشعله بغي الباغين. نعم نريد من هذه الأقلام - وهذه إرادة الشباب - أن ترأب الصدع، وتجمع الشمل، وتلم الشعث، وتدفع في تيار من الحياة جديد، ذي قوة ومراس، ورجولة واحتراس، هذه القافلة التائهة وهذا الموكب الحائر. . . وليس أجدى علينا من أن تكون هذه الأقلام - الأقلام الكبيرة - بريد اليقظة الكاملة، والنهضة الشاملة، لهذه الأمة العاثرة.
وأن لنا في التاريخ، لأمثلة حية من جهاد الأقلام، في إنهاض الأمم، وإيقاظ الهمم، وهذه كتب (روسو ومونتسكيو وفولتير) وغيرهم بين أيدينا، تشهد على ما فعلته في فرنسا أيام غفلتها، وأبان رقدتها.
فإذا لم تسبق فكرة (البرلمان الشعوبي العربي) هذه الهزة الفكرية من (برلمان الأقلام) في مصر وغيرها، وقادة الرأي، وأعلام الفكر في الأمة العربية كلها، حتى تتناجى الأرواح، وتتلقى الأفكار، وتتحدث المشاعر، فلن نجد عند المعركة، الأذن التي تسمع، والقلب الذي