عن سلطتها الدفاعية لوزارة الدفاع في واشنطون. لا تستطيع أن تتصور هذا التنازل لأنك مأخوذ بحكم الحاضر. ولكن حكم المستقبل يسهل لك هذا التصور. وإذا أمكنك أن تتصور الخطر الهائل الذي يهددنا به وزير إسرائيل بنغربون أمكنك أن تتصور ضرورة اتحاد الدول العربية في برلمان حربي دفاعي وإلا فاليهود ينفذون ما يقولون. ولا يردهم عن التنفيذ إلا قيام هذا البرلمان. وهم يقولون بصراحة إن ما يفعله العرب في عام نحن نفعله في يوم. فإذا لم نفعل نحن في يوم ما يفعله اليهود في عام تغدونا قبل أن نتعشاهم. فأرجو منك أن توسع دائرة تصورك حتى تشمل هذه الحقائق ولا تكن مثبطاً للعزائم.
ثم إن الأستاذ لا يمكنه أن يتخيل الدول العربية تستطيع أن تدفع من ميزانياتها ذلك المبلغ الضخم الذي لا يقل عن مائتي مليون جنيه (والمقتَرح هو مائة مليون أولا تزاد سنة بعد سنة حسب اللزوم). ولكن إذا لم تدفع الدول العربية هذا المبلغ فستدفعه رغم أنوفها وتدفع أضعافه يوم يستوي الأمر في دولة إسرائيل وتصبح سيدة العرب ومالكة رقابهم وبترولهم وووالخ
وإذا كانت مصر قد أنفقت في نصف سنة في حرب فلسطين أكثر من ستين أو سبعين مليون جنيه أفلا تستطيع الدول العربية كلها أن تجمع مائة مليون للدفاع عن استقلالها واتقاء عبوديتها لإسرائيل؟
تركيا تعد ١٤ مليوناً من النفوس وميزانية دفاعها تستغرق نصف ميزانيتها لأنها مجندة مليون جندي ولأنها رأت أنها إذا لم تفعل هكذا وقعت بين براثن روسيا وهي على مرمى حجر منها.
يا صاحبي لما وقعت الحرب الكبرى الأخيرة عبأت إنجلترا كل رجل وأمرأة للعمل للحرب ورصدت كل إيراد الشعب الإنجليزي للنفقة. ولولا هذا لوقعت تحت سنابك خيل الألمان. فهذا المبلغ المائة مليون أو المائتان الذي اقترحته ليس ضخماً يا عزيزي بل هي قطرة من بحر النفقات الحربية. فكانت إنجلترا تنفق في الحرب كل يوم ١٤ مليوناً من الجنيهات وأمريكا تنفق أكثر من ستين مليوناً منها.
إنها لمبالغ ضخمة حقاً كانت تذهب إلى دولة الشيطان. فلا تعجب يا عزيزي. ولعلك لم تر بعد عِبر هذا الدهر فلا تستطيع أن تتصور الآتي منها. وماذا تفعل والجنس البشري قد