وإذا بالقلب وقد امتلأ حباً لك يشعر بأنه لا يستطيع وحده أن يسع عظمتك كلها فيهيب بالعقل والروح والخيال أن يشاركون العبء العظيم أو النعمة الكبرى.
وكم يسعد العقل إذ يجاهد في توسيع دائرة أفقه، وكم تنعم الروح وهي ترقى معك إلى أعلى الذرى، وكم يبتهج الخيال وهو ينشر أجنحته ويظل يصعد في الأجواء البعيدة حتى يصل إليك ويحوم حولك.
كل قوى الإنسان وملكاته تلبي نداء القلب وتؤازره في محاولة تفهمك وارتياد تلك المساحات الشاسعة من العالم النفسي، التي سبق أن جبتها أنت، رائداً، ودليلاً، وهادياً، ومنشداً، ومغنياً! هكذا تهدينا إلى كنوز النفس الإنسانية وعواملها الواسعة الشاسعة التي تظل مجهولة أو كالمجهولة تحت ستار من غبار معركة الحياة بما فيها من خير وشر، وسمو وإسعاف، ونور وظلام، وهدى وضلال.
إننا نتذكرك ونباركك، لأنك تمنحنا من ذات نفسك، عن طريق إحياء ما في نفوسنا ما يبارك أيامنا وليالينا، ويضاعف ويخصب معنى الحياة في قلوبنا، فكأنك تمنح عمرك مجدداً على مدى الأزمان كل من طرق بابك ورام صحبتك ونشد زمالتك. وعمرك - أيها العظيم - هو خلاصة حكمة الدنيا وفلسفتها وشعرها وما تنطوي عليه من حق وخير وجمال.
لذلك ستظل الدنيا تعتز بك وتتمسك بوجودك وتصر على وجودك في الأحياء.