العظيم والقائد المنتصر رغم أنف المستعمر. . . ستذكر القاهرة يوم قدمت إليها وحللت ضيفاً معززاً مكرماً فيها، كيوم من أيامها التي لا تنساها.
والقاهرة لا تنسى من أحبها، لأن العواطف المتدفقة في قلوب أهلها ثابتة راسخة منذ أيام الفتح الإسلامي الأول، منذ دخلها عمرو بن العاص. فهي حريصة على صداقتها ومعزتها، بقدر ما هي قوية في البأساء والضراء والشدائد. . .
ولذلك سميت القاهرة: لأنها قهرت الحوادث والزمن، وخرجت ظافرة من المعارك والمواقع الفاصلة، منصورة في المنصورة وحطين وعين جالوت. . . ولذا تعرفت من أول يوم عليك، وقرأت نفحاتها وروحها مرتسمة على جبينك وأصبح سكانها اهلك وعشيرتك
فإذا خطرت ببالك سنوات الغربة في جزائر المحيط، فخفف عنك هذا، وذكر الخصوم أن أبناء القاهرة أسروا لهم ملكا يوم المنصورة. بالله سر في قاهرة المعز، وارفع ناظريك إلى قلعة الجبل، وتأمل حجارتها: تحدثك أن اثنا عشر ألفاً من أسرى العدو في المعارك والحروب التي انتصر فيها جند مصر الإسلامية، قطعوا هذه الصخور ورفعوا هذه الحجارة. كانت مواكبهم تمر تحت بابي النصر والفتوح، وأعلامهم منكسة وأيديهم في السلاسل وأعناقهم في الأغلال. أما أنت فقد جعلت لموطنك مراكش حديثاً له دوي في القرن العشرين اهتزت له الدنيا، فقد هزمت دولتين وحاربت على جبهتين، وكنت موفقاً في الهجوم والدفاع وبرهنت على أن قلوب أهل الريف أقوى وأثبت في مقاعد القتال من قلوب أعداء الريف.
بل أشهدت العالم أجمع انهم بحق سلالة المرابطين والموحدين وأبناء أولئك الذين كتب أجدادهم ملامح الأندلس وأيامها.
أيها الأمير القائد!
من يحلق مثلك فوق شوامخ الجبال وقممها العالية تصغر الدنيا أمام عينيه فتتضاءل الصعاب، ويبدو الجهاد أمراً سهلاً لأنك بطل من أبطال العروبة والإسلام ونفحة من نفحات بدر.