قرأت في العدد ٨٤٤ من مجلة الرسالة بحثاً للأستاذ عبد المنعم عبد العزيز المليجي بعنوان الفلسفة الصامتة، وقد أثار انتباهي قوله: بعد أن أنها كلامه عن بوذا وفلسفته التي استوحاها من تلك القصة التي عبرت: إن الحياة أعظم الشرور وأن الخير يقضي بالتحرر منها، كما أنه قال إن هذه القصة ترمز إلى فلسفة الهند الزاهرة في الحيات المتعلقة بالروحانية: هي عين الفلسفة التي يعبر عنها سليمان الحكيم في الكتاب المقدس. وهنا أتساءل كيف قال الأستاذ المليجي إن فلسفة بوذا هي التي عبر عنها سليمان الحكيم. وكيف يكون هذا مادام بوذا يدعو إلى التخلص من هذه الحياة التي قال عنها إنها أعظم الشرور، وهل يدعو إنسان عاقل إلى التخلص من شر إذا علم أنه سيعود إليه فيما بعد؟
ومن خلال دعوته تظهر اللهفة على التخلص من هذه الحياة كما إنها تظهر من خلال كلماته أن الحياة أعظم لشرور. ومن هذه اللهفة يفهم المرءأنلا عودة إلى هذه الحياة إن خلص منها، وبما أنه لا عودة إليها تنتهي فلسفته إلى الجمود.
وأن سليمان الحكيم يقول في الكتاب المقدس: إن ما كان سوف يكون وما حدث سوف يحدث، وليس تحت الشمس من جديد. هل هناك شيء نستطيع أن نقول عنه، أنظر هذا جديد؟ كلا!
إذن. سليمان يقول أن الحياة تعيد دورها والتاريخ يعيد سيرته من ماض إلى حاضر، ومن حاضر إلى ماضي فكل ما يراه الناس جديد يستمد حياته من الفناء كطبيعة الكون في الفصول الأربعة تنتقل من فصل إلى فصل.
ما دام بوذا يقف بفلسفته عند الروحانية وهي الرتبة العليا لأبناء الدنيا، وسليمان لا يقف عند حد، بل الحياة مستمرة في دوراتها تعيد الماضي إلى الحاضر وبالعكس، فلا يمكن أن يقال إن فلسفة بوذا هي نفس الفلسفة التي عبر عنها سليمان الحكيم في الكتاب المقدس.