للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أم غمرت - الآن - أشجان نفسك وأفراح قلبك في كأس مترعة من دم القلوب. . . القلوب التي هدَّها الحزن لفراقك.

قم تر مأتم الشعر يندب ربَّه، مأتم الفن والهوى والشباب ينادي سيده والفجيعة تفعم نواحيه.

قم تر الدنيا - بعدك - خواء من مزامير الخلد ونجوى العاشقين.

قم فلقد كنت - يا صاحبي - شباباً عارماً فاض بالبشرى فغنى فطرب.

لدى مشرق الحياة تلاقينا، والدنيا رخاء ودعة. فكنت أنت ريحانة الجمع وروح المجلس وبهجة الحديث ثم مرت الأيام والعيش تلاق وافتراق.

ومنذ أيام تلاقينا وأنت على فراش المرض، فإنصدع قلبي؛ غير إنك كنت شجاع القلب جريء النفس ثابت الحنان.

ثم جاء النعي. . . فدعني انشر ضعف نفسي على أيدي رفاقي، فما بي قوة لأكتم ضنى قلبي، أو استر لوعة فؤادي أو أداري لهفة روحي.

دعني اذرف عبرات الحنين على قبر ثوى فيه حبيب. دعني أرسل زفرات الأسى لفراقك أنت أيها الرجل، أيها الإنسان. دعني أعاني البث وهو يتدفق في أعماق دمي لأنني وجدت فقدك أيها الصديق. . .

دعني أرق آلام نفسي بين يدي قبرك العزيز قبل أن يجرفني تيار الحياة القاسي. . .

دعني. . . دعني أشيعك بنظرات الأسى ونبضات الهم، ثم أناديك - وأنت في طريق الأبدية - وداعاً. . . وداعاً، أيها الحبيب. . .

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>