وكان بيانه وأصالته يرتكزان على ثقافة واسعة منوعة، هضمتها طبيعته الفنية وتمثلتها، فقد اغترف من الآداب المختلفة واستوحى البيئات المتباينة، وسيطر على كل ذلك بقوة هضمه، وضبط مقايسه بفنه الهندسي، فأخرج بذلك فنا من الشعر سريا متناسق الألوان.
كان الفقيد الكريم طوال الصيف الماضي يعاني مرضا شديدا، خف عنه أولا، ثم أنتكس فعاودت قلبه العلة، وكان يعالج أخيراً في المستشفى الإيطالي، وقد تماثل وتقدم نحو الشفاء، حتى عين يوم الخميس الماضي (١٧ نوفمبر سنة ١٩٤٩) لخروجه، وفي هذا اليوم المعين لبس ثيابه وتأهب لمغادرة المستشفى، وإذا هو يسقط صريعاً بين أيدي من أتوا لمرافقته إلىمنزله.
وتوفي الفقيد وهو في السابعة والأربعين من عمره، وقد قضى أكثر حياته العملية موظفا في الحكومة، بعد أن تخرج في مدرسة الهندسة التطبيقية، وتنقل في الوظائف حتى كان مديراً لمكتب رئيس مجلس النواب وفي سنة ١٩٤٥ استقال من هذا المنصب، إذ آثر أن يغرد طليقا بعيدا عن وظائف الحكومة، وظل كذلك حتى عين في هذا العام وكيلا لدار الكتب المصرية.
أخرج الفقيد عدة دواوين، هي (الملاح التائه) و (ليالي الملاح التائه) و (أرواح وأشباح) و (الشوق العائد) و (زهر وجمر) و (شرق وغرب) وله مسرحية شعرية هي (أغنية الرياح الأربع) وله أيضاً كتاب (أرواح شاردة) وهو يحتوي على نثر وشعر.
إن يكن علي طه خلَّي مكانه بين الأحياء الفإنين، فستظل آثاره باقية في سجل الخلود، وتبقى شمائله حية ماثلة في نفوسنا ما بقينا.
تكريم دسوقي أباظة باشا
احتفلت جامعة أدباء العروبة يوم الأربعاء الماضي في فندق الكنتال، بتكريم رئيسها معالي الأستاذ دسوقي أباظة باشا، وقد تساءل معاليه في كلمته بختام الحفلة عن مناسبة هذا التكريم، فقال هيكل باشا: مناسبتها أنك عدت إليه م بعد طول غياب، فكثرة اشتغالك بالمسائل العامة حالت بينك وبينهم مدة طويلة. وقال دسوقي باشا: جرت العادة أن يكرم الوزراء المعينون لا الوزراء السابقون، فهذا تقليد جديد نبيل ولعله يغري الوزراء الحاليين