آفاق جديدة يرتادها شبان مصر في حياة الأعمال الحرة، ويزيد فخرهم فيها أنهم هم المنشئون، وهم العاملون، وهم الذي يفيدون ويستفيدون.
ذلك أن القائمين بدراسة هذا المشروع وتنفيذه فكروا أول ما فكروا ألا تكون قروش الشباب هبة أو عطاء، فليس العطاء من تاريخ الاقتصاد في شيء، إنما جعلت هذه القروش الخمسة التي يكرر الشباب المصري ادخارها لمشروع تعاون الشباب وسيلة ميسورة تنتهي بالجميع إلى أن يصبحوا مساهمين في الشركات التي ينشئونها بأموالهم. فيكونون قد أنشئوا للصناعة في مصر منشآت جديدة من ناحية، وفتحوا لأنفسهم طريقاً إلى الربح من ناحية ثانية. وزادوا على هذا وهذا أنهم يبذرون بما يعملون بذور النزعة الاقتصادية المنتجة في أرض البلاد.
فأنت ترى أن الفكرة في هذا المشروع لم تكن وليدة رأي عارض أو تقليد أصم. إنما هي فكرة ولدتها حاجة الحياة المصرية إلى كثير من المنافذ التي تنفذ منها جهود الشباب إلى ما يهيأ لهذه الشبيبة المصرية مستقبلا أكثر رخاء ورغداً، وأنت ترى في تضاعيف هذه الفكرة نزوعا إلى تحقيق الديمقراطية الاقتصادية إذ تفتح وسائل المشروع أبواب المساهمة في تأسيس الشركات والمصانع أمام أصحاب خمسات القروش كما تفتحها أمام أصحاب الآلاف أو الملايين، وهي نزعة علمية صالحة جديرة بالتقدير والاعتبار.
كان هذا المشروع فكرة، ثم انقلبت الفكرة صوتا ينادي شباب مصر إلى العمل في سبيل مستقبلهم ومستقبل بلادهم. والواقع أن في مصر مشكلة يصح أن تسمى مشكلة الشباب، وأن هذا المشروع حل من أوفق الحلول لهذه المشكلة الضخمة فأولئك الألوف الذين تخرجهم المدارس كل سنة إلى أين يذهبون بما تسلحوا من علوم وفنون؟ لقد ضاقت سبل الرزق عن أن تسد حاجاتهم، وعز على أوليائهم والأغنياء من أهلهم أن يضحوا في سبيلهم، وحقت عليهم التجربة القاسية التي سيخرجون منها إما ظافرين بمعنى سام من معاني الرجولة التي تعرف قيمة الاعتماد على نفسها، وإما حاملين أثقال الخيبة التي لا رجولة فيها.
لم يبق أمام الشبيبة المصرية إلا أن تعنى بمستقبلها: تدبر له الأمر وتنفذ ما فيه بناؤه، بناء يقوم على أسس مادية ثابتة لا تتعرض لها أيدي الآخرين. ولعل مشروع تعاون الشباب هذا