لقد أقنعنا الأمويين أن مذهب التحررية سيؤدي بهم إلى مملكة العقل. وسيكون استبدادنا من هذه الطبيعة، لأنه سيكون في موضع يمكنه من أن يقمع كل الثورات؛ وأن يستأصل بالعنف اللازم كل فكرة تحررية من كل الهيئات.
حينما لاحظ الجمهور أنه قد أعطى كل أنواع الحقوق باسم الحرية تصور نفسه أنه السيد، وحاول أن يفرض القوة. والجمهور ككل أعمى سواه - قد صادف بالضرورة عقبات لا تحصى، وإذا لم يرغب في الرجوع إلى المنهج السابق - وضع قوته تحت أقدامنا. اذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها (العظمى)؛ إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا معرفة جيدة، لأنها من عمل أيدينا. ومنذ ذلك الحين ونحن نقود الأمم قدماً من خيبة إلى خيبة، فكان من ذلك أن نبذونا، من أجل الملك الطاغية من دم صهيون، وهو الذي نعده لحكم العالم.
إننا اليوم كقوة دولية - فوق المتناول، فلو أن حكومة أممية (غير يهودية) هاجمتنا لقامت بنصرنا أخريات.
إن المسيحيين من الناس، في خستهم الفاحشة، ليساعدوننا على استقلالنا وحريتنا حين يخرون أمام القوة ساجدين، وحين لا يرثون للضعف، ولا يرحمون في معالجة الأخطاء، ويتساهلون في الجرائم، وحين يرفضون أن يتبينوا متناقضات الحرية، وحين يكونون صابرين إلى درجة الاستشهاد في تحمل قسوة الاستبداد الفاجر.
إنهم ليتحملون على أيدي دكتاتوريهم الحاليين من رؤساء الوزراء والوزراء إساءات كانوا يقتلون من أجل أصغرها عشرين ملكاً. فكيف بيان حال هذه المسائل؟ ولماذا تكون الجماعات غير منطقية هكذا في نظرها إلى الحوادث؟ السبب أن المستبدين يقنعون الناس على أيدي وكلائهم بأنهم إن أساءوا استعمال قوتهم ونكبوا الدولة فما أجريت هذه الملكية إلا لعلة سامية، أي لبلوغ النجاح من أجل الشعب، ومن أجل الإخاء والوحدة والمساواة الدولية.
ومن المؤكد أنهم يقولون إن هذا الاتحاد لا يمكن بلوغه إلا تحت حكمنا فحسب، ولهذا نرى الشعب يتهم البريء والمجرم، مقتنعاً بأنه يستطيع دائماً أن يفعل ما يشاء، ومن أجل هذه الحالة العقلية يحطم الرعاع كل تماسك، ويخلقون الفوضى في كل شعبة وكل ركن. إن كلمة الحرية تزج بالمجتمع في عراك مع كل القوى حتى قوة الطبيعة وقوة الله. ولذلك كان