ضعيف الإرادة. . يجسم التافه من الأمور، يتعثر في خطاه كلما مشي. . . ولكنه هو الذي يضع العراقيل التي يتعثر بها. لم يكن من بد أن يتعثر في الدراسة أيضاً فنال شهادة البكالوريا لاهثا وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ومنعته سنه الكبير أن يحقق أمنية جده بدخوله الكلية الحربية فينحرف عنها مضطراً إلى كلية الحقوق، وكل ما يسره فيها أنه لن يضرب. . . وقد حدث ما سره فعلا فلم يضربه أستاذ بعصا، ولكن أستاذ الخطابة فعل به ما هو أنكى، فطلب إليه أن يخطب إخوانه فوقف على المنصة ليصمت وليستدعي هزء إخوانه ثم ليولي وجهه شطر الباب ويخرج. . ويخرج إلى غير رجعه، فقد صمم على أن يكتفي من التعليم - أو الشهادات فهو لم يتعلم - بما نال، يسعى بها لدى الحكومة فتعينه ويصير موظفاً بوزارة الحربية. يموت جده وقد كان يحمل عنه عبء البيت بما يقبضه من معاش حتى إذا قبضه الله إليه حار (كامل) فيما يفعل، ولكن الأم تهون عليه وتترك بيتهم الكبير إلى شقة صغيرة وتستقيم الحياة في ظاهرها ولكن كاملا الملتوي لابد أن يلوي الحياة معه. . . فهو في حياة جده كان قد أغرته كثرة المال كما أغراه خوفه وضعفه بشرب الخمر التي نكبت أسرته جميعا وصدعت شملهم ولكنه يجد حين يسحوها جرأة لا يجدها في نفسه إطلاقا. جبان هكذا هو دائما، رعديد يخشى الحياة بنفسه وبعقله فهو يذيب عقله الخائف، ويغمر نفسه الهالعة في كأس الخمر، ولكنه حين مات جده لم يجد ما يكفيه لشربها أو هو على الأقل لم يجد ما يداوم به على شربها.
أم جهول وابن غبي! ماذا نرجو؟ نعم. . لقد شب الطفل خسيس النفس يستعين بجسمه على إخماد غريزته، فلم يجد من يبصره بالعاقبة أو من يعالجه به المراهق - فأفرط حتى تمكنت منه العادة. . . وقد أثارتها في نفسه خادمة قبيحة عندهم وجدتها أمه معه فطردتها وأخبرته أنه أتى أثماً كبيراً؛ فلم يفهم غير هذا حتى إذا تقدم خاطب لأمه قفز الإثم الكبير إلى ذهنه وساءل أمه فأخبرته أن الزواج علاقة يباركها الرحمن ولم تزد، ورفضت الخطبة، فاختلفت الأمور بذهنه فأكب يجلد نفسه بنفسه حتى أصبح لا يطيق إلا هذا. ولما كانت الخادمة قبيحة فإنه شب لا يثير حيوانيته إلا المرأة القبيحة، أما الجميلة فإنه يشرئب إليها بروحه ناسياً أنه رجل.
ظل كذلك حتى أحب ابنة لجار لهم وأراد الزواج منها فوقف في سبيله فقره الذي صار إليه