للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كان كذلك وجب احترامه وتقديسه.

وفي الفصل الختامي من الكتاب الأول يمهد أرسطو لدراسة الفضيلة التي هي موضوع الكتاب الثاني كله. فمقتضى تعريفه للسعادة بوصفها فاعلية النفس بما يطابق الفضيلة يحتم عليه دراسة هذه الفضيلة. والفضيلة هي ما يجب أن يشتغل به رجل الدولة (السياسي) الحقيقي يجعل الناس فضلاء. تذكرون هنا ما سبق لأرسطو منذ الفصل الأول من ربط بين الأخلاق والسياسة، ولكم ألا تُقروه هنا على جعل مهمة السياسيين تعليم الناس الفضيلة بما لهم من سلطة القانون. على أن أرسطو حين يدرس الفضيلة الإنسانية (١١ف٥) وفضيلة النفس بالذات التي يجب على السياسي في نظره أن يُلمَّ بمعرفتها كما يتخصص كل امرئ في ميدان عمله (ف٧).

وفي بقية هذا الفصل يعرض أرسطو إلى تقسيمه الثلاثي للنفس الإنسانية إلى نباتية وحيوانية وعاقلة كما وردت في كتابه (في النفس) ' ولما كان التقسيم الأفلاطوني لملكات النفس إلى شهوية وعضيية وعقلة. وتشبيهه لها بالعربة ذات الجوادين (الشهوة والإرادة) يقودها (العقل) لا ينحرف بها أحد الخيل إلى يمين أو شمال (في محاور فيدروس الجمهورية وغيرهما). . . لما كان هذا التقسيم الأفلاطوني أدنى إلى بيان مهمة الأخلاق وضرورة تغليب العقل على الإرادة والشهوة - فإن أرسطو - يخلطه بتقسيمه خلطاً بيناً. ولن يعسر عليك أن تدرس النظريتين في مصادرهما وفي بعض الكتب التي عرضت لهما، ثم أن تجمع بينهما لكي تقف على فكرة أرسطو.

ولا غنى لك - وقد فزعت من الكتاب الأول - أن تكمل معرفتك بنظرية الخير والسعادة الأرسطية بتصفح الكتاب الثاني في الفضيلة كما براها أرسطو، وبقراءة الكتاب العاشر والأخير من المجلد الثاني للوقوف على فكرة السعادة كما يجب أن يفهمها الفيلسوف.

كمال دسوقي

<<  <  ج:
ص:  >  >>