رأس، وطبولهم ممزقة وأعلامهم منكسة، وكثرت التهاني في البيوت والشوارع وزاد الهرج والمرج وأهازيج الفرح والسرور (حتى كان الواحد لا يسمع كلام من هو بجانبه إلا بعد جهد).
النصر للإسلام:
ذوي عود قازان، وتصوحت زهوته، وتنكرت بشاشته، وغاضت نضارته، واستولى عليه الهم والغم، وألح عليه المرض بسبب الهزيمة، فلم يلبث إلا أياماً حتى مات مهموماً، وجلس بعده على عرش التتار أخوه (خرْ بندا) بن أرغون بن أيفا بن هولاكو خان واجتمع به أعيان ملكه، وتشاورا فيما يؤمنهم على ملكهم ويهدئ مخاوفهم، ويحقن عليهم دمائهم؛ فلم يجدوا أحسن من الدخول في الإسلام أفواجاً، وأن يعلنوا المصريين بذلك، إذ لم يبق حامياً لذمار الإسلام سواهم، فتم لهم ما أرادوا وتلقب ملكهم (غياث الدين محمداً) وكتب إلى سلطان مصر بذلك، وطلب الصلح وإخماد الفتنة، وانحسرت موجة التتار عن مصر والشام، وانكسر عودهم على عزة إسلام، وامتصتهم الديانة المحمدية دون أن ينالوا منها، وتطعمت دوحة الإسلام بشعب جديد فتي قوي كان له بعد ذلك اليد الطولي في نصرة الدين.
(وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزاً).