وأبو جعفر ينكر جمع هذه القصائد قبل جمع حماد لها، فهو عنده هو الذي جمعها، لما رأى زهد الناس في الشعر، فجمعها لهم من الشعر القديم، وحضهم عليها، وهذا الرأي آخر عند أبي جعفر غير ذينك الرأيين، وقد رآه أصح ما قيل في هذه القصائد فهناك لقدمائنا إذن في هذه القصائد ثلاثة آراء لا رأيان، وأصح هذه الآراء الثلاثة عند أبى جعفر أن هذه القصائد لم يكن بعضها يمت إلى بعض قبل جمع حماد لها، بل كانت مغمورة في الشعر العربي الجاهلي مثل غيرها من القصائد الجأهلية، ولم تكن تمتاز عليها باسم يجمعها من اسم المعلقات أو غيره، فلما جمعها حماد للناس قال لهم هذه المشهورات، فسميت القصائد المشهورة لهذا، وهو الاسم الذي ذكرها به أبو جعفر في افتتاح شرحه لها وفي آخره أيضاً. ولا شك أن تحاشيه ذكرها باسم المعلقات كما يسميها غيره ويوجهه بأحد ذنيك التوجيهيين دليل على انه لا يرى صحة تلك التسمية مستحدثة مصنوعة بعد الإسلام، وبعد جمع حماد لها، وهذا هو الذي ننسبه ألان ألي علمائنا الأوربيين ليذهبوا بفضله، وينسى فيه فضل أبي جعفر رحمه الله.
هذا وقد رأيت فيما رجعت إليه قبل كتابة هذا المقال من شروح المعلقات، وقد تعلقت نفسي باستقصائها حتى يجئ بحثي وافياً فيها من تلك الناحية، رأيت ما يتفق مع رأيي في المعلقات في مقدمة الطبعة المنيرية لشرح الخطيب التبريزي على المعلقات العشر، إذ جاء فيها:(وذهب فريق إلى ان وجه تسميتها بالمعلقات علقوها بأذهان صغارهم وكبارهم ومرءوسيهم ورؤسائهم، وذلك لشدة اعتنائهم بها) وهذا قريب من رأيي في المعلقات، وهو من عجائب توارد الخواطر، ولكنه في تلك المقدمة هل يذهب من يرى هذا في المعلقات إلى أن تلك التسمية على توجيهه قديمة أو مصنوعة، والظاهر انه يراها قديمة، وهو خلاف ما نراه فيها على توجيهنا لها.
وقد جمعت هذه القصائد السبع بعد جمع حماد لها جمعاً آخر مع قصائد أخرى يبلغ جميعها تسعاً وأربعين قصيدة، قال عنها المفضل الضبي إنها عيون أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، وانفس شعر كل رجل منهم، وهي التي جمعها أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي في كتابه جمهرة أشعار العرب.
ويخالف المفضل حماداً في أصحاب هذه القصائد السبع، فهم عند حماد: أمرؤ القيس،