ذلك هو ما جعل المرأة الفرنسية تغير رأيها في مصر وتعدل عن الذي كتبته أولا إلى مقال آخر. . فهل كانت كتبت في المقال الأول أن مصر لا تساعد بلاد المغرب على الاستقلال والتخلص من فرنسا ثم عادت باشا أن الأمر ليس كذلك؟! أم ماذا أقول في هذا المنطق الفرنسي الأعوج؟ ثم متى كسبت مصر شيئاً من أمثالها حتى تكسب من جنابها ذلك المقال الفقيد. .؟ كل ما في الأمر أننا قوم كرماء جداً، وأن من ضيوفنا من لا يتورع عن الرقاعة!
ليت هؤلاء الفرنسيين يعلمون أن هذه الشعوب الإسلامية والعربية في المغرب والمشرق تهمنا شؤونها، إذ تجمعنا بهم روابط الدين واللغة والثقافة والتاريخ والحضارة - ليتهم يفقهون ليستيقنوا أن هذه الصداقة لا تصفو ما دامت تشوبها أعمالهم في الاعتداء على حريات إخوان لنا، والعجيب أن يتحدثوا عن الثقافة ورسالتها وهم يمنعون وسائلنا الثقافية من الوصول إلى تلك البلاد الشقية!.
وأذكر بذلك أني كنت مرة عند صديقي الأستاذ مختار الوكيل بدار الجامعة العربية وقدم علينا اثنان من الفرنسيين المشتغلين بالدراسات العربية، وكان ذلك عقب عرض القضية المصرية على الأمم، وجر حديث العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا إلى أن قال لهما الأستاذ مختار: كنا نود أن تؤازرنا فرنسا في قضيتنا! فنظر الفرنسيون أحدهما إلى الآخر وقال: سياسة! وهكذا خرجا بهذه الكلمة من حرج السؤال، وهما يومئان بها إلى أنهما منقطعان إلى محراب الفكر والدراسات البعيدة عن السياسة. . وإذا كان لأمثالها من أبناء تلك الأمم أن ينحي السياسة عن مجرى تفكيره - على فرض أن جوابهما حقيقي وليس تخلصا من الحرج - فإننا لا نستطيع أن نبعد أمانينا القومية من مشاعرنا وأفكارنا لأننا لم نستكمل حريتنا ولم نتخلص نهائياً من جرائر الاستعمار، فنحن في موقف المعتدى عليه الذي يجند كل قواه للمقاومة.
ونحن صرحاء إذ نقول ذلك، ولكنهم يتبرأن من السياسة عندما يريدون، ويخلطونها بغيرها إذا أعوزهم (البرود الإنجليزي) فلم يستطيعوا أن يملكوا أنفسهم، كما صنعت صحفية فرنسا الأولى!!
قرارات المجمع اللغوي ومدى تنفيذها
أثير في مؤتمر المجمع اللغوي بالدورة الماضية، موضوع قرارات المجمع من حيث مدى