للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نستثني رائد القصة العراقية الأول المرحوم محمود السيد صديق الأستاذ تيمور في الجهاد، لا نرى إلا محاولات فاشلة القصد منها العبرة والاتعاظ والإسراف في الخيال.

ثم جاءت بعد ذلك كتابات جعفر الخليلي، وعبد المجيد لطفي، أو حكاياتهما على الأصح، فهذان الأديبان لبعدهما عن تفهم القصة الحديثة، ولجهلهما الأدب الغربي الحديث، فشلا في أول عهدهما ولكن بعض الأمل تسلل إلى القلوب عند قراءة نتاجهما في العصر الحاضر، وهما - بعد كل هذا - مشكوران لأنهما يمثلان مرحلة من مراحل القصة العراقية.

ثم تأتي المرحلة الثانية في قصص شالوم درويش، وذو النون أيوب، فقد استطاع هذان القصصيان أن يرقيا بالفن القصصي العراقي درجات، ويدفعاه إلى الأمام، فقد أصابا حظاً ليس فيه بأس من الإطلاع على القصص الغربي، وتفهما العناصر الجوهرية في الفن القصصي، وكانا يستلهمان الحياة، ولا يشطان في دنيا الرومانسية.

وجاءت المرحلة الثالثة - وهي دور الشباب - فقد بزغ بعض الشبان في سماء القصة، ومنهم يرجى الخير، وعليهم تعقد الآمال. . . ولكنه يخيل إلي أن جريرة الصحافة المصرية الصفراء تلاحقنا ونحن في ديارنا، فتفسد أذواق الشباب، وتتحكم بنزعات بعضهم، وتصره عن العمل الجدي المنظم، وعن التفكير الصادق السليم وعن إدراك الأمور إدراكاً شاملاً واعياً. . ومما لاشك فيه إن الصحف المصرية تطغى على الأسواق العراقية، وإن قصصها المائعة النكراء غير الناضجة ذات تأثير على نزعات الشباب. . وأغلب قصاصي المجلات لا يستلهم الحياة، ولا يراعي مقاييس الفن، بل يستلهم الطبع الفاسد، ويراعي مقاييس المجلات الجائرة. . .

ولكن شيئاً من الاطمئنان يسري في نفسي عندما أجد بوادر السخط عند الشباب العراقي، وعند الذين حصنوا أنفسهم بثقافة ومعرفة واسعتين.

والكتاب الذي اعرضه على القارئ الكريم الآن (صراع) لقصصي عراقي شاب لا أكون مغالياً لو قلت أنه خطا خطوة رائعة موفقة في مضمار القصة العراقية، وهو على رغم بعض المآخذ يبرز بين القصة العربية الناجحة عالي الرأس. . .

والمؤلف شاب، له أحلامه ونزعاته وميوله، ونفس متوقدة حساسة، تستلهم الحياة فيبرز لنا نواحي خافية خير ما يقال فيها إنها تقع في محيطنا ولكننا نتغاضى عنها، لأننا نحفل دائماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>