- لا!. . . فالعنوان كامل ليت شعري أي فردريك هذا؟. . إنه سيتصل في السابعة. . . يجب أن ترتدي ثياباً لائقة، ثم اغسلي الأولاد قبل ربع ساعة فقط من الموعد ليمكن إبقاؤهم نظيفين. . .
غادرتني زوجتي، فخلوت إلى نفسي وإلى أفكاري. ثم نسيت فردريك تماماً إذ فقدته بين زورقي البخاري والجزيرة التي لجأت إليها التماساً للراحة والهدوء. . .
كان النهار رائعاً حقاً. . .
وفي أثناء تناول الغذاء قلت لزوجتي:
- الساعة السابعة بالضبط. . . ألا يجب أن نذهب لاستقبال فردريك؟
هبطنا إلى الميناء. . .
كان المرفأ يموج بعلية القوم الصلفاء الذين تعودوا تمضية أوقاتهم فيها على الدوام عابثين ساردين. . . وكان هناك المصور الشاب ذو القبعة الحمراء والمشية الوئيدة المتزنة، كما كانت هناك النساء اللائى درجن على أن يصدقن بسذاجة متناهية كل ما يقال لهن:
وما إن رمقني هؤلاء بعيونهن الزرق الواسعة التي حملت إلى قلبي كل ما في أرواحهن من معاني الوداعة والدلال حتى ابتدرت مخاطباً إياهن:
- نشبت ثورة عظيمة في باريس هذا الصباح، وأعلنت الأحكام العرفية، وقد بلغ دوي المدافع والانفجارات من العنف والشدة بحيث تعذر على السكان أن يسمع الواحد منهم صوت محدثه. لهذا فقد أضطر الجميع إلى تخلية المدينة والخروج إلى الأرض الفضاء لمواصلة ثرثرتهم ولغوهم هناك. . .
صرخت إحداهن بصوت حاد مؤلم وكانت أمها تقيم بباريس:
- أمي!. . . أمي!. . .
فقلت مسلياص إياها
لا تخافي ولا تحزني!. إنهم نقلوا النساء والأطفال جميعاً إلى ساحة معشوشة خضراء قبالة المدينة. . .
أخذت الباخرة تقترب شيئا فشيئا وكان القول قد تبعه العمل. . .