يخطئون لفظة (المساهمة) في قول القائلين مثلاً (شركة مساهمة) ويصوبونها بقولهم (شركة مسهمة) من أسهم بمعنى اشتراك. . . وحجتهم في ذلك أن كلمة (ساهم) لم ترد في القواميس العربية إلا بمعنى المقارعة. . . ولما كانت هذه القواميس تحتج لصحة الكلمات التي توردها وتورد اشتقاقها بكلام العرب شعراً ونثراً في عصور قوة الفصحى وقبل تسرب الدخيل إليها، كالعصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي؛ فإنني أرى أن كلمة ساهم تؤدي معنى الاشتراك، ولا غبار علينا إذا أسمعناها في هذا المعنى؛ فلقد عثرت على استعمالها في هذا المعنى (والاشتراك) في شعر إسلامي أموي للشاعر الحكم بن معمر الخضري إذ يقول في وصف امرأة: -
تساهم ثوباها ففي الدرع غادة ... وفي المرط لفاوان ردفهما عبل
ولا يمكن أن يكون معنى (تساهم) هنا إلا الاشتراك في الاقتسام. فلعل الأقلام الحمر بعد ذلك ترحم هذه الكلمة وتهبها حريتها لتعيش في أمن وسلام، فهي صحيحة في معنى الاشتراك كأختها (أسهم) وإن لم توردها القواميس؛ ولعلها تزيد على كلمة (أسهم) أنها أخف منها وضعاً، وأكثر استعمالاً وقد دربت عليها الألسنة وتقبلتها الأسماع. . .