واستكان الوجود والتف الدهر ... وأصغت إلى صداه المقادر (كذا)
وقد يتورط محمود طه في غرامه (بالشعريات) برسمه صوراً مضحكة إذا لم تكن مستحيلة كقوله:
ماؤه ذوب خمرة وسنا شم ... س وريا ورد وألحان طائر
وعنده إذا لم يجعل هذا الماء ذوب خمر وسنا شمس وريا ورد وألحان طائر في آن واحد فهو ليس بشاعر. وأي منطق يستطيع أن يفهم شيئاً يكون سنا شمس محرقة، وريا ورد، ثم يكون في نفس الوقت صوت طائر؟!. اللهم إن هذا إلا خلط قبيح لا نرضاه لصديقنا الشاعر.
وليس أدل على فهم شاعرنا لطبيعة الشعر من قوله في رثاء شاعر:
وهو شعر صورت ألوانه ... بهجة الفجر وأحزان الشفق
ونشيد مثلت ألحانه ... همسات النجم في إذن الغسق.
وفي قصيدة (الله والشاعر) بساطة مؤلمة في أن يأمر أديب الأرض بأن:
مدى لعينيه الرحاب الفساح ... ورقرق الأضواء في جفنه
وأمسكي يا أرض عصف الرياح ... والراعد المغضب في أذنه
فهذا كلام لا يشرف أي طالب في مدرسة ثانوية، فضلاً عن شاعر عصري. والقصيدة ملآى بهذه الأشياء التي تواضع البسطاء على إنها الطبيعة التي لا طبيعة غيرها.
مر بنهر دافق سلسبيل ... تهفو القمارى حول شاديه
في ضفتيه باسقات النخيل ... ترعى الشياه تحتها غانيه
فإذا كان هذا النهر ملحاً مثلاً، وكانت هنالك ضفادع على حوافيه، وأحجار تدمي الأقدام بدلاً من النخيل، فليس هنالك طبيعة تجدر بالشاعر والشعر!:
حتى إذا شارف ظل الشجر ... في روضة غناء ريا الأديم
قد ضحكت للنور فيها الزهر ... وصفقت أوراقها للنسيم
فهذا الشاعر لا يكفيه أن تكون هنالك روضة غناء ريا الأديم ولكن لابد أن يضحك الزهر ويصفق النسيم لأول مرة!
أما المسائل الفكرية التي أثارها الشاعر في حواره مع الله فهي أول ما يقرأ الطالب في