للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعصير العنب الذي كانت تنتجه طرابلس. ولا شك أن في إقامة مثل هذه الحدود الصناعية إعادة لحركة التهريب هذه على أشد ما يكون. ولنا فيما نراه في الأعوام الأخيرة ما يثبت ذلك، فكيف يكون الحال إذا أقيمت حدود معينة يصعب تخطيها إلا بأذن خاص. لا شك أن الحياة الاقتصادية ستصاب في نشاطها كما أصيبت في السابق ولكن وجه الخطورة أشد في العصر الحديث.

وما لنا نذهب بعيداً، فلنترك العهد الإغريقي الفينيقي جانباً لنرى البلاد وقد جاءها العرب فاتحين مبشرين بالدين الإسلامي سنة ٢٢هـ. جاءت الجيوش العربية ففتحت برقة وتقدمت منها إلى طرابلس فاستولت عليها وفي أثناء ذلك كان بعض الجند يتوغلون جنوباً إلى زويلة وفزان ولم تذكر لنا المصادر التاريخية أن عمرو بن العاص قد أستأذن الخليفة في فتح طرابلس وفزان بعد استيلائه على برقة، ولكنها تذكر لنا وتؤكد أن عمرو بن العاص أراد أن يتابع فتوحاته غرباً بعد طرابلس بالاستيلاء على افريقة لولا معارضة الخليفة لذلك على أثر ما دار بينهما من مكاتبة في هذا الخصوص. ومعنى هذا أن عمرو بن العاص في فتحه لطرابلس وفزان بعد الاستيلاء على برقة لم يفعل أكثر من إتمام فتح هذه البلاد التي بدت له وحدتها منذ ذلك التاريخ، حتى إذا ما أتم فتحها وأراد الانتقال لغيرها شعر بضرورة الاستئذان قبل الإقدام على هذا العمل. وهكذا كان هذا التوحيد في الفتح نتيجة لوحدة البلاد الطبيعية التي أدركها القائد العربي منذ ذلك التاريخ مقدمة لأحداث أخرى متتابعة ربطت بين الأقاليم الثلاثة وجعلتها أقرب ما تكون لبعضها من البلاد المجاورة.

للكلام صلة

مصطفى عبد الله بعبو

خريج جامعة فاروق ومعهد التربية العالي

عضو الجمعية التاريخية لخريجي كلية الآداب

مدير مدرسة النهضة الثانوية بالزاوية بطرابلس الغرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>