مرت الأيام ودالت العصور وتغير الزمن، وتقدمت العلوم والفنون، وارتقت الأفكار والعقول وتنوعت طرق التربية، حتى أصبحت مذاهب متمايزة متعددة متعادية، ولكل مذهب وجهة خاصة وأتباع ينافحون عنه ويجادلون بل يزكون. . . وطريقة سبنسر وفرديل وغيرهما إلا مثل لهذا.
ولقد درج السلف في تعاليم على طريقة خاصة، وكلنا قد عاصرها وتعلم على منهاجها، وهي لو نظرنا إليها من ناحية العقل والمنطق لارتاحت نفوسنا إليها وظمأت قلوبنا بها.
وتلك الطريقة تبدأ بتحفيظ الحروف الهجائية مرتبة ترتيباً دارجا على التشابه الملحوظ في بعضها ثم تعيين تلك الحروف بالإعجام وغيره على سبيل الموازنة والمقارنة ثم معرفة الحركات من فتح وكسر ثم وصل تلك الحروف وإلحاق حروف المد بها ثم معرفة الشدة والتنوين. . .
وبعد معرفة هذه القواعد تكون كلمات بسيطة من حرفين ثم ثلاثة وأربعة. . . ويبدأ ذلك بمعرفة بعض أجزاء الجسم، وما يحيط الطفل من أسماء بنص الأشياء. . .)
وبعد أن يلم الطفل إلماما كافيا بما يقع تحت ناظره يبدأ بتعليمه فاتحة الكتاب ثم بقية السور من قصار المفصل وهكذا إلى آخر سورة في القرآن الكريم.
وأثناء قراءته للقرآن إن كان يعلم مبادئ الحساب والدين والإملاء بطريقة متمشية مع عقلية الطفل وفطرته!
والآن وبعد مضي تلك السنوات. وقد أصبحت تعد بالعشرات التي تنوعت فيها طرق التربية وتطاخت الأراء، رجعنا من جديد إلى طريقة آبائنا وأجدادنا الأولين، فهي الطريقة التي تتمشى وعقلية الطفل المحدودة.
وبالرغم من الطرق الكثيرة التي نستعملها في تعليم الأطفال فإني قد تركتها جميعها جانباً، واستعملت تلك الطريقة مع طفلي وقد حفظ جزءين من القرآن الكريم قبل أن يبلغ السابعة من عمره وهو الآن يشق طريقه بخطى ثابتة في التعليم الثانوي محرر العقيدة ثابت البنيان، وفي الطليعة!