للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتسويف، وسمحت له الأقدار التي حالت بينه وبين أمنيته الكبرى مدو من الزمن، أجل! لقد شد الرجل رحاله وامتطى ظهر العيس التي سارت به تقطع البيد سهولا وحزونا. وقط نظم وهو في طريقه إلى الأماكن المقدسة قصيدة مطلعها:

سارت العيس يرجعن الحنينا ... ويجاذبن من الشوق البرينا

داميات من حفى أخفافها ... تقطع البيد سهولا وحزونا

بدأ الشاعر هذه القصيدة بذكر الأحبة والديار وتخلص من ذلك إلىمدح الرسول وهي ستون بيتا.

ب - في حضرة الرسول:

ولما وقف البوصيري أمام الضريح النبوي أنشد قصيدته مطلعها:

وافاك بالذنب العظيم المذنب ... خجلا يعنف نفسه ويؤنب

وأخذ الشاعر يبكي ويستغفر ويتضرع ويتوسل وقد أطال الوقوف أمام باب الرسول، قال:

وقفت بجاه المصطفى آماله ... فكأنه بذنوبه يتقرب

وبدا له أن الوقوف ببابه ... باب لغفران الذنوب مجرب

ثم انتقل إلى المدح وختمها بأبيات في الاستغاثة بالله أن يغفر لم ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأن يجعل الجنة مقره ومثواه.

(ج) في طريق العودة:

فرغ البوصيري من أداء فريضة الحج فأرضى نفسه بالسعي والطواف، ومتع ناظريه برؤية الضريح النبوي، وأطال الوقوف أمام أبواب الرسول، وأخيراً حزم أمتعته وشد الركاب وامتطى بعيره وسار قادماً إلىمصر. وقد نظم وهو في طريق العودة قصيدة مطلعها:

ازمعوا البين وشدوا الركابا ... فاطلب الصبر وخل العتابا

وأخذ يتغزل في سلمى ويذكر أشواقه إليها ويصف جمالها ومحاسنها. ولكنه أفرط في هذا الغزل وخرج به عن حدود الأدب الواجب في هذا المقام أعني مقام مدح الرسول. ومثال ذلك قوله:

سمتها لثم الثنايا فقالت ... إن من دونك سبلا صعابا

<<  <  ج:
ص:  >  >>