ويتبعهم باقي المرضى. أما الجدد فيجلسون على أرائك خلفية بعد أن يكونوا قد دونوا البيانات الخاصة بهم وبأمراضهم عند السكرتيرة التي تعرضها على الطبيب فيما بعد. تغلق أبواب الحجرة بعد ذلك فتصبح مظلمة إلا بصيصاً من نور ضئيل. ثم يبدأ الساحر بالعلاج: تسمع صوتاً يدوي في أرجاء الحجرة كأنه الرعد القاصف يصم الآذان، ويدخل الرعب في القلوب، فترتاع له أفئدة أولئك الذين كتب عليهم أن يلجو هذه الحجرة لأول مرة، ثم ترى شرراً كهربائياً بنفسجي اللون يتطاير من كرة معدنية كالبطيخة تتصل بأحد طرفي عصا يقبض عليها الساحر من الطرف الآخر، ثم يمسك بعنق كل مريض ويمر تلك الكرة مرات سريعة بالقرب من عموده الفقري من أعلى إلى أسفل، ويضعها أحياناً على الجزء الذي يشكو منه ألماً، ولا يستغرق ذلك كله أكثر من عشرين ثانية، ثم يتركه إلى غيره وهكذا حتى ينتهي منهم جميعاً في زمن لا يزيد على نصف ساعة، فإذا خرج المريض من قبضة يده القوية ومن تحت تلك العصا السحرية مر في أحد الأفران الكهربائية مروراً لا يستغرق بضع ثوان أيضاً بإرشاد إحدى المرشدات هنالك
والحق أقول إننا لأول مرة سمعت أنا وصديقي ذلك الصوت المزعج ورأينا ذلك الشرر الكهربائي البنفسجي الذي علمنا عنه فيما بعد أنه نتيجة تيار كهربائي عالي الضغط جداً إذ يبلغ ٥٩٥ ألف فولت، أقول إننا عند ذلك ذعرنا وامتلأت قلوبنا رعباً، وكاد صديقي يترك الحجرة ويعود أدراجه من شدة الخوف، ولكني تملكت قواي وشجعته ونبهته إلى أولئك الأطفال والشيوخ الذين يتلقون ذلك الدش الكهربائي بلا خوف ولا وجل، واتضح لنا بعد التجربة أن فعل تلك الآلة في الجسم أخف كثيراً من صوتها المرعب في النفس حتى أن صاحبي بعد بضعة أيام أصبح لا يرهبها بل على العكس من ذلك كان يسعى ليكون في المقدمة، فكنت أذكره بقول الشاعر العربي:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
أما الكشف على المريض الجديد فلا يستغرق أكثر من دقيقة لأنه يسأله عن الداء وموضع شكواه، ثم يضع فوق ذلك الموضع أنبوبة زجاجية يمر بها تيار كهربائي ذو ألوان مختلفة، وكأني به يتعرف بذلك موضع الداء تماماً. ويدخل المرضى لتكرار ذلك العلاج بالأكتروراديوم ثلاث مرات يومياً. ثم إنه علاوة على ذلك العمل الأساسي يستعمل طرقا