والملائمة لحاجات الناس المتزايدة ولم يقل أحد ولن يقول إن الناس قد جعدوا ولن تكون لهم حاجات جديدة تحتاج إلى تشريعات جديدة بعد القرن التاسع الهجري - وكل ما حدث هو أن الأفكار قد اتجهت في القرن الثالث إلى الحديث ونقده وجمعه وتدوينه وأن الأئمة الأربعة قد ارتفعوا إلى مكانة في الاجتهاد تضاءلت أمامهم همم من داهم من المجتهدين فلم يجسر أحد أن يعطى رأيه مستقلا عنهم قد أدى ذلك إلى الحد من حرية الفكر والاجتهاد في الأحكام الذي دعا إليه الإسلام وإلى وقف النشاط التشريعي الذي دعا إليه تزايد حاجات المسلمين فأقفل بذلك باب الاجتهاد وحل محله جمود قي التشريع.
استقلال الفكر
قال الله تعالى: -
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول) ٤ - ٩٥
تتكلم هذه الآية عن طاعة أولي الأمر في سياق طاعة الله وطاعة الرسول في الشطر الأول منها ولم يذكر (أولو الأمر) في الشطر الثاني من الآية ليبين أن النزاع المشار إليه إنما هو نزاع مع أولي الأمر وفي هذه الحالة يجب رد النزاع إلى الله وإلى الرسول، أو بعبارة أخرى إلى الكتاب والسنة. ويدخل في معنى أولي الأمر كل سلطة في الإسلام سواء أكانت زمنية أم روحية، وعلى هذا فاستقلال الفكر أمر قائم بين المسلمين بحكم هذه الآية؛ فإذا اختلفوا وتنازعوا في مسألة وجب ردها إلى القرآن والحديث. ويدخل في نطاق أولي الأمر الصحابة والمحدثون والأئمة والأربعة والمجتهدون؛ فهؤلاء يجب طاعتهم وتقدير أحكامهم ما دامت هذه الأحكام مطابقة لما جاء به القرآن والحديث.
وبما أنه من المسلم به أن الحديث يحب أن لا يتعارض مع القرآن فيمكن القول بأن الإسلام قد أباح استقلال الفكر على شريطة عدم مخالفة المبادئ الإسلامية الواردة في القرآن.
ترى مما تقدم أن لأي جماعة من المسلمين الحق في أن يقننوا لأنفسهم القوانين الصالحة لهم بشرط ألا يخرجوا فيها عن المبادئ الإسلامية الواردة في القرآن والسنة وانه لا أساس للزعم القائم للعالم الإسلامي والقائل أنه لا حق لإنسان أن يرى خلاف ما رآه الأئمة الأربعة منذ ألف سنة ونيف مهما تكن الظروف، وتوسع العمران وازدادت حاجات الناس، فالاجتهاد