أما إن هذا الإيمان بالغرب إذا انتقل من الشيوخ إلى الشبان لم يكن إلا كفراً بالشرق وإلحاداً بالعقائد الشرقية، وجهلاً باللغة الشرقية، وخروجاً من الجلدة الشرقية. . . وإن عندنا في دمشق ندوة أرادت أن تعيب مجمعنا الأدبي، فلم تجد أبلغ في العيب من قولها: إن المجمع ثقافته شرقية، بل لقد (ضبطتنا متلبسين بالجريمة)، وأشهدت علينا أننا كنا نحمل كتباً صفراء. وكان الذي نحمله (شرح المواقف للسيد). ومثل هؤلاء لا يقرأون الأدب العربي إلا إذا صيغ هذه الصياغة
وعندنا إن هذه القصة بكل ما قرأنا في العربية من قصص ما يزال أكثر أصحابها ينشدون أدباً فرنسياً أو إنجليزياً بحروف عربية
وعندنا أنك إذا استكثرت من هذا النوع غطيت على خيام أهل الجديد ودورهم المبنية من الطين والقش، بقصر شامخ من الصخر يثبت ما ثبت الدهر
وعندنا أن مائة قصة من مثل هذه القصة، تنشئ الأدب العربي إنشاء جديداً، وتخرج من الشيخ الهم الفاني، الذي ينتظر الموت شاباً قوياً بهياً، جاء يستأنف الحياة بحنكة الشيخوخة. وتجعل من الأدب العربي أدبين: أدب أربعة عشر قرناً، وأدب الرافعي
ولست والله أمدحك لأتملقك وأتزلف إليك، وما بي بحمد الله رذيلة التملق والتزان، وإني لأنقم منك أحياناً. إنك تبالغ في الدقة، وتمعن في السبك الفني لمعانيك وألفاظك، حتى ما أكاد أفهم عنك، وإننا لنحفظ جملك هذه الغامضة، ونتنادر بها، على حين أنك تعرف من نفسك القدرة على أسهل الكلام وأوضحه، , وإن شعرك لين سائغ عذب كالماء
ولكني أمدحك، وما أجدني صنعت شيئاً، لأنك في نفسي أكبر من ذاك، إنك واحد من عشرة هم كتاب العربية في كل عصورها، إنك لسان القرآن الناطق.
فاقبل تحياتي وإكباري وشكري، وأسألك أن تزيدنا من هذا النوع من الأدب، وأن تستكثر من هذه الفصول الاجتماعية، وأن تعلم أن مقالاتك في الزواج كان لها من الأثر ما لا يكون لقانون صارم من ورائه السجن والغرامة. وإننا نحمد الله على أن جعل في العربية مجلة صاحبها الزيات، ويكتب فيها الرافعي