وعنى فخري بالتاريخ، فوضع (الثورة العرابية)، ونشر في (الرسالة) قصيدة بمناسبة (ذكرى موقعه التل الكبير)، واخذ نجمه يلمع في الأفق الأدبي لما كانت تمتاز به قصائده من أصالة ودقة حتى ارتفع إلى مصاف كبار الأدباء على الرغم من حداثة سنه، وفي غير جلبه أو دعاية.
واحتفل في شعره بالطبيعة والوطنية والوجدان، وعنى بكل لفظ جزل رصين، وبالروي الجميل الناعم. هذا وهو مدرس لغة الإنجليزية بالمدارس الثانوية.
وتقدم فخري إلى المسابقة التي عقدتها وزارة المعارف سنة ١٠٣٩ فأنفرد بجائزتين ماليتين بكتابيه:(الخلافة) و (البار ودي) ونال من الدكتور هيكل باشا (وزير المعارف حينذاك) ما هو أهل له. وقد أطلعني فخري بعد عودته من جرينوبل على كتب تاريخية هامة أحضرها معه، وعكف على دراستها في شغف وهدوء، وكان يعد هذه المراجع كنزاً ثميناً يعتز به ويفخر.
وكانت دراسات فخري في طال أدب المقارن (التي كانت تنشرها له الرسالة تباعاً أكبر دليل على أنه تملك ناصيتي العربية والإنجليزية، وأن محاولته تلك لم يسبقه إليها أحد من مواطنيه بل ولا من المستشرقين. وقد نقل إلى العربية (تس سليله دربرفيل) للشاعر القصصي الفيلسوف توماس هاردي، نشرتها له لجنة التأليف والترجمة والنشر من سلسلة عيون الأدب الغربي.
هذه لمحة قصدت منها إلى التنويه بما كان لفقيد الأدب من مكانة لم ينلها غيره، ومع هذا درج إلى وادي النسيان. وكأنه ما كان، أفلا يجدر بالدوائر الأدبية في مصر أن تستعيد ذكرى فخري أبو السعود قبل أن يحين العام العاشر على وفاته، فتؤلف لجنة لجمع شعره في ديوان، وبحوثه عن الأدب المقارن في كتاب. وعسى أن يتفضل معالي وزيرنا الأديب الدكتور طه حسين بك فيأمر بنفض الغبار عن أصول كتابيه الفائزين وبذلك ندفع منا وصمة التنكر لذوى الفضل، ولا شك أن في أحياء ذكراه تكريماً للأدب والأدباء.