الخلقية والدينية والعلمية والفنية. يجب أن نعلم أولادنا الحياة، أي نعدهم ليعرفوا كيف يعاملون الناس وكيف يحترمون أهليهم ومن هم أكبر منهم سناً وكيف يأكلون ويشربون ويلبسون.
هذه هي أغراض التعليم والثقافة الصحيحة، إذ لا فائدة من علم أو ثقافة تقرأ في الكتب لتنمي العقل وليس له أثر في التكوين الشخصي والشعور والوجدان الذي يعبر عنه بالضمير.
لقد رأينا أولادنا وإخواننا وزملاءنا في الجامعات والمعاهد العالية يقفون حيارى، فقد احتشدت أذهانهم بالعلوم والنظريات التي تلقوها وسيلة مهما اختلفت المناهج وطرق التعليم. ولكنهم لا يجدون لهذا الحشد من النظريات العلمية والمعارف الثقافية أي صدى في نفوسهم. لقد ساروا في مرحلة المراهقة التي يتشك فيها الطالب في كل شيء، وليس لهم من أساس ديني يقوى فيهم الروح والعقيدة فباتوا يتساءلون من هم، وماذا يراد بهم في الحياة؟ وثاروا على كل شيء، وانّتهز دعاة السوء ثورتهم تلك فباتوا يملئون أوعية نفوسهم الفارغة بآرائهم ومعتقداتهم الهدامة. وكانت مأساة الشباب التي شهدناها في مصر وغيرها من البلدان العربية. لقد تلقى النشء العلم مجرداً، ولم يعن بتربيتهم تربية صحيحة سلوكية أو دينية خلقية، فمشى العقل وبعد مسافات عن الروح، ومن هنا كانت الثورة وكان النزاع وكان عدم الاستقرار الذي يهدد حياة السباب وأهدافهم ومثلهم العليا في الحياة وما يسعون له في الحياة.
وإذا تنبهت وفودنا إلى ذلك وراح بعض المصلحين ينادون بجعل الدين عنصراً أساسياً في الثقافة العربية إذا بقائل آخر يعترض متسائلا عن أي دين يتبع.
ولو فكر قليلاً لعلم أن جميع الأديان تهدي وتبين الشرائع والسبل الخيرة لإصلاح الفرد والمجتمع، وأن الدين - على حسب المثل القائل - هو المعاملة. وما أريد بجعل الدين جزءاً من الثقافة أن يحفظ النشء آيات الكتب المقدسة وتفسيرها على حسب ما يذهب إليه رجال الدين، وأن هذا حرام وأن هذا حلال دون أن يكون لذلك من أثر في تربية الروح، بل يراد به أن يتخذ كوسيلة للتربية الخلقية والتكوين النفسي على أسس تتمشى مع وسائل العلم الحديثة وتطور المجتمع.