للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن هذا يتضح أن الكبار من العرب لم يكونوا ينظرون نظرة العابرين إلى ألعاب الصبيان وإنما كانوا - وهم أصحاب الفراسة - يتفحصون (شخصية اللاعب) أثناء اللعب حتى إذا جاء الإسلام ذهب بغريزة اللعب إلى أبعد مدى تستقيم معه كرامة الإنسان.

أشاد الإسلام بمبدأ (القوة) لأن الله تعالى (ذو قوة) وهو سبحانه (القوي) (أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).

والمعجزات التي أيد الله بها أنبياءه إنما هي (قوى) بل كوى تتجلى منها آيات صاحب الحول والطول حتى يعلم العبد المحدود في إمكانياته أنه (لا حول ولا قوة إلا بالله).

ومن هنا أكبرت بنت شعيب قوة موسى إذ قالت لأبيها (أن خير من استأجرت القوي الأمين) وناجى موسى عليه السلام ربه فقال (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون) فاطمأن موسى إلى تأييد ربه إذ (قال سنشد عضدك بأخيك فنجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا، أنتما ومن اتبعكما الغالبون) وقال أيضا كليم الله يلتمس القوة من رب القوة ليستعين به على فرعون وملئه (واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، أشدد به أزري وأشركه في أمري).

وهذا محمد عليه السلام يقول (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف) وينزل عليه من السماء (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ويرى عمر بن الخطاب رجلا يتنطع ويتماوت فيضربه ويقول (لا تمت علينا ديننا أماتك الله). .

وكان النبي يقول وهو يدخل مكة حاجا في العام السابع لهجرته (رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة) وكان يقول عند دخولها في عمرة الحديبية (أرملوا بالبيت ليرى المشركون قوتكم) وهذه هي المناورة المشروعة في الإرهاب المشروع.

سئل أعرابي: لم تسمون أبنائكم بشر الأسماء: نحو كلب وذئب، وتسمون عبيدكم بأحسن الأسماء: نحو رزق ومرزوق ورباح فقال: إنما نسمي أبنائنا لأعدائنا، وعبيدنا لأنفسنا.

وهكذا عنى العرب بالقوة حتى في تسمية أبنائهم لينشئوا أقوياء الأجسام ومن هنا قال النبي الكريم (ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا) وذلك بقصد ربط الخلف بالسلف برباط وثيق من الرمي كمظهر على القوة والشجاعة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>