للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الألعاب بتعلم القرآن إذ قال (من تعلم القرآن ثم نسيه فليس مني؛ ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس مني) وفي رواية أخرى (فهي نعمة جحدها).

ويزيد هذا الحديث إيضاحا وتبيانا قوله الكريم (كل شييْ ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة).

وكأنما أدرك رسول الله أن الألعاب ليست وقفا على الفراغ عند العرب في أول عهدهم بالدعوة فدعا إلى مزاولتها مهما اتسع نطاق حياتهم وامتدت رقعة دعوتهم وخرجوا بفتوحاتهم من البداوة إلى الحضارة فهو يقول (ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهوا بأسهمه).

وإنه لدرس نافع من النبي المرشد إذ يقول (كل شيْ يلهو به الرجل باطل إلا رمي الرجل بقوسه أو تأديبه فرسه أو ملاعبته امرأته).

وعلى الجملة فإن الرسول الكريم إنما يهدف إلى صقل الروح وتهذيبها والبعد بها عما يثقل الكاهل من هموم وأحزان فيقول (من كثر همه سقم بدنه) وباللعب يتفادى المرء هذا السقم.

وعندئذ يبدأ مرحلة جديدة من التربية هدفها امتلاك النفس عند الغضب، وإحكام زمامها خشية الزلل، وقيادتها نحو معالي الأمور.

فإذا كان الصرعة هو الذي يصرع الرجال ولا يصرعه الرجال فإن رسول الله كان أول من دعا بالفطرة الخالصة إلى تعلية الغريزة وكبح جماح النفس إذ يقول (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) وهذا هو الجهاد الأكبر: جهاد النفس المركبة من شتى الغرائز حتى لقد سئل النبي: ما الهجرة؟ فقال: (أن تهجر السوء) ثم سئل فأي الهجرة أفضل؟ فقال (الجهاد) قيل وما الجهاد؟ قال: (أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم) قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: (من عقر جواده وأهريق دمه) وقال أيضا (الجهاد ماض إلى يوم القيامة) ذلك بأن الجهاد منهج المؤمن في سبيل انتصار الحق وانتشار الخير وصدق رسول الله (اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف).

ومن أجل هذه الغاية البعيدة وذلك الهدف الرفيع كان العربي يعلم ابنه الرماية كل يوم إذ يقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>