ولجئوا إلى خيانتها مع الفرنسيين، فأطلقت سراح ملك فرنسا، وشكاها الأفراد إلى أمير المؤمنين في بغداد، فقرر عزلها. وتولى الملك الأشرف عرش مصر، وعين عز الدين أيبك وصيا عليه فألقى بالملك في السجن، وقبض على زمام الملك، وانصرف عن زوجته شجرة الدر. وعندما علمت أنه سيتزوج ابنة صاحب الموصل أغرت بعض خدمها فقتلوه في الحمام.
ولنبين ما أضافه المؤلف إلى التاريخ، ومدى تمسكه به، علينا أن نستعرض المسرحية.
بدأ المؤلف مسرحيته، فأبرز الأمير نجم الدين (الملك الصالح فيما بعد) وهو جالس في خيمته في الصحراء، وإلى جانبه زوجته شجرة الدر، وقد دخل عليه رجاله، بيبرس، وقطز، وقلاوون، وعز الدين أيبك. . ثم يدخل العراف فينبئهم بأن كلا منهم سيتولى عرش مصر. . فيسخرون منه، فيخرج وهو ويقول:
قلت حقا وكان ما لم أقله ... إن بعضاً منكم سيأكل بعضا
ولقد كانت هذه المقدمة لفتة بارعة من المؤلف، ذلك لأنها تمهد لجو الدسائس والمؤامرات وهو الجو العام للمسرحية، وترمز إلى ما حدث في التاريخ، وتقدم أبطال المسرحية إلى المشاهد. ومن الناحية الفنية، فإن عرض المقدمة في شكل مشهد تمثيلي أقرب إلى طبيعة المسرح من المقدمةِ التي كانت في بداية المسرحيات الكلاسيكية وبعض المسرحيات التاريخية الحديثة، والتي كانت في صورة منلوج يلقيه ممثل قبل بداية التمثيل ليعرف المشاهد بموضوع المسرحية، أو في صورة ديالوج ليؤدي نفس الغرض.
. . ويبدأ الفصل الأول وشجرة الدر ملكة على مصر. . فنرى الجارية هيام تتآمر عليها. . وتسعى إلى استمالة قائد الجيش (أقطاي) إلى جانبها. . ونرى بيبرس وقلاوون وقد عادا من الشام ليخبرا الملكة بأن أمراء الشام قد أجمعوا على خيانة مصر. . وهنا تعلن شجرة الدر بأن مرغريت ملكة فرنسا قد قدمت إليها كتبا من أمراء الشام تثبت خيانتهم، ولهذا رأت أن تطلق لويس التاسع من أسره. . ويخرج الأمراء بعد أن تكلف بيبرس بمهمة في بغداد. . ثم تستبقي عز الدين أيبك. . فنراه يؤيد رأيها، ويمجد تدبيرها ويبوح لها بهواه. . ويلح في طلب الزواج منها. . فتعده بالزواج، وتطلب منه أن يكون عونا لها على أعباء الملك، فيجيبها بقوله: