فقال له (أنها تهضم من دينك وعقلك، أكثر مما تهضم من أكلك.
وحقاً كلما زاد الشارب الخمر شرباً زاده الله رعالا وحمقا، فتجده أصبح نزق القطاه، خفيف الحصاة، يخاصم في صغار الأمور، وينساق بلا ترو، وقد عميت عن الخير عيناه، وقد صمت عن الفضيلة أذناه، فيقدم على أية جريمة دون وازع يزع أو عقل يزن.
(عاشراً) الخمر والنسل: ينشأ أولاد السكيرين ممتلئ الأجسام، ناقصي العقول، ذوي ميول إلى الأجرام ودافع إلى الشر وتهافت على الخطيئة.
وإن ولد جنين ولم تجهضه أمه أثناء حملها فإن الخمر سبب من أسباب الإجهاض، نزل معرضاً للتشوهات الخلقية فضلاً عن العاهات الخلقية التي تنتقل إليه من نطفة أبيه (كما سبق أن ذكرنا في مقالنا عن الإرث التناسلي).
هذا وان الخمر ليست دواء كما كان الاعتقاد الشائع عنها بأن الكحول به تأثير تنبيهي على القلب، فإن الكحول لم يصل إلى مرتبة الأدوية المنبهة كالا ستركنين وغيرها.
قد يعترض على معترض قائلاً إن الله سبحانه ليقول (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمها أكبر من نفعها).
أي أن الله قال فيهما منافع للناس فما هذه المنافع ومن هم هؤلاء الناس؟ إن الله سبحانه وتعالى لم يقل منافع للشاربين واللاعبين، إذإنه لا مراء أن الشارب يذهب منه دينه ويذوي منه عقله وتنقضي ثروته وتفنى صحته، ولكن المنافع هي منافع مادية لتكون غيره من تجار الخمر وصاحب الخان والخدم والأعوان.
وقد أردف الله تعالى قوله (وإثمهما أكبر من نفعهما) لأن أثمهما عظيم فهما يصدان عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقعان العداوة والبغضاء بين الإخوان والأصدقاء كما هو مشاهد في مجتمعات الخمور ونوادي القمار.
وذكر الله تعالى هو مادة حياة النفوس وهو ترياق المؤمنين وأنس المنقطعين وبساط المؤمنين فيه جلاء البصائر الكليلة وشفاء الصدور العليلة، يفتح إغلاق القلوب ويذهب وقر الأسماع وذكر الله أصله صفاء وفرعه وفاء وشرطه اتصال وبساطه عمل صالح وثمرته فتح مبين فهو يقرب المرء من ربه فتفيض عليه الأنوار والمنح الإلهية وما اجلها من منح
والصلاة عماد الدين وسراج المؤمنين وأصل القربات وعزة الطاعات فهي تجلو القلوب